كانت مصيفا لهم ، ثمّ استوطنها بعض متأخّريهم مع بقاء صلتهم بتريم ، فيها يصلّون الجمعة ، ويشهدون الجنائز ، ويحضرون بعض الدّروس.
وهذه الرّملة منسوبة للإمام الجليل محمّد بن جعفر بن عبد الله ، المتوفّى بتريم سنة (١١٩٣ ه) ، كانت له أحوال عجيبة ، ومناقب كريمة ؛ منها ـ كما في «شرح قصيدة مدهر» للسّيّد أحمد بن عليّ الجنيد ـ :
(أنّ ولديه ـ زينا السّابق الذّكر وجعفرا ـ لم يرغبا في حفظ القرآن ، فآلى على نفسه أن يذهب من الرّملة إلى تريم ، ثمّ لا يرجع إلّا بعد أن يحفظ ابناه القرآن وربع «الإرشاد» ، وأبرّ قسمه).
وذكر العلّامة الإمام عبد الرّحمن بن مصطفى نزيل مصر في كتابه «مرآة الشّموس» : أنّ السّيّد محمّد بن جعفر ـ هذا ـ هو الّذي أمّ النّاس في الصّلاة على والده مصطفى بن شيخ ، المتوفّى بتريم سنة (١١٦٤ ه) ، وعلى عمّه أحمد ، المتوفّى بتريم سنة (١١٦٤ ه) أيضا.
ولزين بن محمّد بن جعفر أولاد ؛ منهم : صادق ، المتوفّى بتريم سنة (١٢٨١ ه) ، وهو والد السّيّد زين بن صادق ، كان شهما مهابا ، وليثا وثّابا ، لا يحسب للدّولة الكثيريّة ولا غيرها حسابا ، وقد اختلف مع آل تريم في كثير من المسائل فاز فيها قدحه ، ونفذ أمره ، إلّا أنّه كان فقيرا ، حتّى إنّ العلّامة ابن شهاب يقول : من نعم الله على آل تريم : فقر زين بن صادق ، وبخل شيخ الكاف.
وكان السّيّد زين بن صادق ـ على فقره ـ مبسوط الكفّ ، وهو طويل القامة ، كبير الهامة ، مشبوح الذّراع ، طويل الباع ، توفّي ليلة الثّلاثاء (٢٣) رمضان من سنة (١٣٢٨ ه) ، فامتهن بعده السّرح (١) ، وأصيب إثره الشّرف بالكمد البرح (٢) ، وجاء هنا موضع قول الرّضيّ [في «ديوانه» ١ / ٦٢٧ من البسيط] :
__________________
(١) السّرح : قطيع الماشية ، وهو كناية عمّن تحته من الرّعيّة.
(٢) البرح : الشديد.