ناصر بن عوض أحد آل عبد الباقي والجامع مملوء بالنّاس وبجماعات من كلّ قبائل العوامر ، ولم تحبق في ذلك شاة! والعوامر يعتذرون عن ذلك بأن ليس لهم وجه بعد ما بسطت نفوذها عليهم الحكومة الكثيريّة بالقوّة الإنكليزيّة.
وقد هرب القاتل إلى نجد العوامر حيث تزوّج وتبسّط على الأمان ، وبقي يتردّد إلى داره بتاربه أوّلا في السّرّ ، ثمّ تعالن في ذلك. ويقال : إنّ الحكومة الكثيريّة جدّت في طلبه ، فلم تقدر عليه ، وبإثر ذلك ركب إلى السّواحل الإفريقيّة عن طريق سيحوت.
ومن ذرّيّته بها : آل محضار ، وآل إسماعيل بن أحمد ، وهؤلاء هم مناصبها وأمراؤها ، وكان لهم الضّلع الأقوى في الفتنة الّتي قامت بتريم سنة (١١٦١ ه) بسبب تابوت القطب الحدّاد ؛ فإنّ آل عيدروس جدّوا في منعه ومعهم آل جابر ، وآل الحدّاد صمّموا على وضعه ومعهم آل كثير ومنصب الشّيخ أبي بكر بن سالم ، وأمّا يافع .. فمفترقون ومواربون ، وكانت النّتيجة أنّ التّابوت وضع على قبر الحدّاد ثمّ أحرق ، ثمّ رمّم ، ثمّ وضع ، ثمّ أزيل ، ولذلك حديث طويل مستوفى ب «الأصل».
ومن آخر مناصب آل إسماعيل بن أحمد : المنصب الجليل السّيّد محمّد بن حسين ، كان شهما شجاعا ، محبّا للعلماء ، كثير البرّ بأمّه ، له مع المنصب السّيّد عبد القادر بن سالم مداعبات ومفاكهات ، تشهد بسلامة الصّدور والبعد عن التّصنّع والتّنطّع والتّكلّف ، وكان بينه وبين العلّامة الجليل السّيّد أبي بكر بن شهاب مشاحنة يوسّعها العلويّون توسيعا هائلا ؛ كيادا لابن شهاب وحسدا له ؛ إذ كان للمنصب السّيّد محمّد بن حسين إذ ذاك نفوذ كبير على الدّولة آل عبد الله بسيئون وتريم ، وعلى آل جابر وعلى كثير من العوامر ، وضالّة العلويّين إذ ذاك : أذيّة العلّامة ابن شهاب ومضايقته وإهانته ، فأذكوا نار العداوة بينه وبين المنصب المذكور حتّى لحقه كثير من الأذى ، فلم يكن من ابن شهاب إلّا أن جاء ليلة بخفارة قويّة إلى دار للشّيخ أبي بكر بن سعيد الزّبيديّ في سحيل محسن ـ وكان له صديقا ـ وخفّا من آخر اللّيل إلى جامع باعبد الله حيث كان المنصب يتهجّد هناك ، فتصافحا وتعانقا وتباكيا ، واستحالت الصّهباء (١) ، وصار المنصب من أكبر أصدقاء
__________________
(١) استحالت : تحوّلت. الصّهباء : الخمر. والمفعول محذوف معلوم بالضرورة ؛ أي : خلّا. وفي