وكانت القوافل ترحل من حضرموت إلى صنعاء في خفارة مسبحة سيّدنا الشّيخ عبد الله باعلويّ كما رواه والدي عن الأستاذ الأبرّ فيما جمعه من كلامه.
ولا شاهد بشيء من ذلك على التّوسّع في العلم بأمارة المشاهدة ؛ فأولو الجاه عند البوادي والعامّة وغيرهم من مناصب حضرموت قديما وحديثا لا ينتسب منهم إلى العلم إلّا القليل ، فأرى أنّه مبالغ فيما ينسب منه إلى الأسلاف الطّيّبين.
فقد نقلوا عن «الياقوت الثّمين» : (أنّ عبيد الله بن أحمد من أكابر العلماء) ، مع أنّهم لم يذكروا أثرا لعلمه إلّا قراءته ل «قوت القلوب» على مؤلّفه ، وطنطنوا على ذلك بما دلّنا على أنّه لو كان هناك أثر أكبر منه .. لذكروه وكبّروه ، على أنّ الّذي في «المشرع» أنّه : (حجّ في سنة «٣٧٧ ه» ، وفي ذلك العام حجّ أبو طالب المكيّ ، فأخذ عنه مؤلّفاته ، وسمع منه مرويّاته) اه
ولم يذكر أنّه قرأ عليه «قوت القلوب» .. ومعلوم أنّ وقت الحجّ لا يتّسع لغير مجرّد الأخذ ، فأمّا قراءة «قوت القلوب» بحذافيره .. فلا بدّ لها من زمان طويل ، ثمّ إنّ مجرّد قراءة «القوت» ـ بتسليمها ـ لا تستدعي التّوسّع في العلم الشّرعيّ ، بل ولا الاتّسام بسمته ؛ إذ لا يعطى من حفظ «قوت القلوب» وتعقّله ـ فضلا عمّن قرأه فقط ـ ممّا يوصى به للعلماء أو يوقف عليهم.
وممّا يدلّك على تسامحهم في الثّناء بالعلم : أنّ الشّلّيّ وغيره ترجم للسّيّد عبد الله بن محمّد صاحب مرباط ، ووصفوه بالحفظ ، ثمّ لم يذكروا له أثرا من ذلك سوى إجازة له من القلعيّ (١) في رواية «جامع التّرمذيّ» (٢) ، مع أنّ البخاريّ ـ كما
__________________
(١) هو الفقيه الإمام العلامة محمد بن علي القلعي الظفاري ، المتوفى سنة (٦٣٠ ه). ينظر : «عقود الألماس» (٢٣٠) وما بعدها ، ومقدمة كتابه «تهذيب الرياسة».
(٢) أورد السيد خرد في «الغرر» نصّ هذه الإجازة المؤرخة في (٥٧٥ ه) ، وهو رآها مكتوبة على ظهر الجزء الأول من «الترمذي» وهي للشريف عبد الله وللفقيه الإمام أبي القاسم بن فارس بن ماضي.
ونصها : (أجزت لهما «جامع أبي عيسى الترمذي» وغيره ، كتبه محمد بن علي القلعي) اه توفي الشريف عبد الله سنة (٥٩٢ ه).