ولعلّ سيئون في القديم كانت كحالها اليوم في الانعطاف على جبلها.
وأمّا قوله : (بدوعن) .. فخطأ ظاهر لا يحتمل التّأويل ، ولهذا تركه أبو شكيل.
وقد يغبّر على قدم سيئون شيئان :
أحدهما : أنّه لا ذكر لها في الحوادث القديمة ، وأوّل ما يحضرني من ذكرها فيها أنّ نهدا اقتسمت السّرير في (سنة ٦٠١ ه) فصارت سيئون وحبوظة لبني سعد وظبيان.
وثانيهما : أنّ الجامع الأوّل بسيئون كان صغيرا لا يتّسع لمئتي نفس تقريبا ، ومع ذلك فالّذي بناه هو الشّيخ عبد الله بن محمّد بن أحمد بن محمّد بن سلمة باكثير ، وهو متأخّر الزّمان ، لم يمت كما في «البنان المشير» [ص ٢٥] إلّا في حدود سنة (٩٢٠ ه) وله قصّة مع سيّدنا الشّيخ أبي بكر العدنيّ ابن سيّدنا عبد الله العيدروس لمّا اجتاز بسيئون ، وقد كانت وفاة العدنيّ في سنة (٩١٤ ه).
ولكنّ الجواب يحصل عن ذينك الأمرين ، ممّا أجمع عليه المؤرّخون ؛ كشنبل وباشراحيل وغيرهما : أنّ سيئون خربت في سنة (٥٩٥ ه) فتحصل أنّها كانت مدينة عظيمة لبني معاوية الأكرمين من كندة ، ثمّ خربت حتّى لم تكن شيئا مذكورا ، ثمّ عادت شيئا مذكورا حتّى دخلت في قسمة نهد سنة (٦٠١ ه) ، إن لم تؤل بأرباضها.
ثمّ كانت في أيّام العيدروس (١) المتوفّى سنة (٨٦٥ ه) قرية ، كما يعرف من قول السّيّد عمر بن عبد الرّحمن صاحب الحمراء في ترجمته للعيدروس عن عبد الله بن عليّ باسلامة ، وكان من الثّقات : (إنّ العيدروس جاء إلى عنده بمريمه ، فكلّف عليه أن يذهب إلى سيئون ـ وهي قرية من قرى حضرموت ـ ليشفع إلى جعفر بن محمّد الجعفريّ نائب بدر بن عبد الله بن جعفر عليها في إطلاق عليّ باحارثة ، فلم يقبل شفاعته) اه
__________________
(١) أي : الأكبر ، والد العدني المتقدم.