بالجامع ، فأمر عبيده أن يقتلوه بعد انفصاله عن حريم شبام ، ففعلوا ، فشقّ على آل كثير ؛ لأنّ حمودا عظيم المكانة بينهم ، فحصروا شباما وأخربوا موزعها ، حتّى جمعهم سيّد الوادي الإمام حسن بن صالح وأصلح بينهم وبين منصور بن عمر ، إلّا أنّهم بقوا في نفرة عنهم ؛ لأنّه لا يقرّ على ظلم أحد منهم ، ولا على تعدّيه ، حتّى وقعت (حادثة تريس) في حدود سنة (١٢٥١ ه).
وحاصلها : أنّ آل كثير وحلفاءهم هجموا على تريس واستولوا على جانبها الشّرقيّ ، فاستغاث صاحبها ابن النّقيب بيافع ، فأسرعوا ، وكانوا :
لا يسألون أخاهم حين يندبهم |
|
إلى القتال على ما قال برهانا |
فحصروا آل كثير ، ولمّا خرجوا .. لاقتهم شرقيّ البلد ، وأثخنت فيهم قتلا ، وسلبت قتلاهم ، فعادوا يتودّدون إلى منصور بن عمر ، وهيّجوه على يافع ، وكان يحرق عليهم الأرّم من الغيظ (١).
ولمّا كانت ليلة الفطر من سنة (١٢٦٠ ه) فعل منصور بن عمر فعلته الّتي فعل ، وانتهز فرصة خروج أكثر من بشبام من يافع إلى منازلهم خارجها للعيد .. فأعلن ثورته ، وقتل من بقي منهم بشبام وهم غارّون في المساجد ، واستقلّ بملك شبام (٢).
وقد أنكر العلويّون صنيعة ذلك ، إلّا الحبيب عبد الله بن عمر بن يحيى ؛ فإنّه هنّأه به في كتابه المطوّل الّذي سيرّه إليه بتاريخ عشر شوال من نفس السّنة ، وقد نشرت ذلك الكتاب في «الأصل» مع ما تعاظمني من إشكال صنيع الحبيب عبد الله بن عمر.
وفي آخر القعدة سنة (١٢٦٤ ه) باع منصور بن عمر ناصفة (٣) شبام على غالب بن محسن الكثيريّ صاحب سيئون وتريم بدراهم معيّنة ، بواسطة عبود بن سالم ، أعطوه قليلا ، ولووه بالباقي ، وعقدوا بينهم حلفا ؛ من شروطه : أن يتولّى الماليّة ، وينفق
__________________
(١) يحرق عليهم الأرّم من الغيظ : مثل يضرب عند شدّة غيظ الإنسان. والأرّم : الأسنان. وحرق : مأخوذ من قول العرب : حرق ناب البعير .. إذا صوّت.
(٢) «العدة المفيدة» (١ / ٣٣٤) ، «تاريخ الدولة الكثيرية».
(٣) ينظر : «العدة المفيدة» نهاية الجزء الأول وبداية الثاني.