المجلوّة ، ومن أقواها هذه الآية المتلوّة : (وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)
والأحقاف هي حضرموت دون نزاع (١) ، والأصل بقاء ما كان على ما كان حتّى يعلم خلافه ، فينبغي أن يعقد عليه الإجماع.
وما أخرجه الحاكم من التحاق نبيّ كلّ أمّة تهلك بمكّة (٢) .. عامّ موقوف ، يخصّصه ما أخرجه ابن إسحاق في «المبتدأ» وابن عساكر في «التّاريخ» عن عروة بن الزّبير : (أنّه ما من نبيّ إلّا حجّ هذا البيت ، إلّا ما كان من هود وصالح تشاغلا بأمر قومهما حتّى قبضهما الله ولم يحجّا).
ولئن ذكر حجّ هود في «مسند أحمد» (٣) فما سنده بأشمل ممّا مرّ عن ابن إسحاق وابن عساكر.
وقد ذكر ابن هشام في «التّيجان» : (أنّ هودا وأولاده يحجّون ثمّ يعودون إلى ديارهم).
وفي جواره كان قبر لقمان بن عاد الملطاط بن سكسك بن وائل بن حمير ، صاحب النّسور السّبعة كما في «إكليل» الهمدانيّ (٤) [٨ / ١٨٤] وذكره غيره أيضا. ولقبر هود ذكر طويل في (ج ٨ ص ١٣١ ـ ١٣٣) منه.
__________________
(١) والأحقاف ـ جمع حقف بالكسر ـ والحقف : المعوجّ من الرمل ، أو الكثيب منه إذا تقوس ، أو الرمل المستطيل المشرف.
(٢) أخرج الحاكم في «المستدرك» بسنده (٢ / ٦١٥) : عن عطاء بن السائب عن عبد الرحمن بن ساباط قال : (إنه لم تهلك أمة إلا لحق نبيّها بمكة فيعبد فيها حتى يموت ، وإن قبر هود بين الحجر وزمزم).
(٣) أخرج الإمام أحمد في «المسند» (١ / ٢٣٢) : عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال : لمّا مرّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بوادي عسفان حين حجّ .. قال : «يا أبا بكر .. أيّ واد هذا؟» ، قال : وادي عسفان ، قال : «لقد مرّ به هود وصالح على بكرات حمر ، خطمها اللّيف ، أزرهم العباء ، وأرديتهم النّمار ، يلبّون يحجّون البيت العتيق».
(٤) ومما جاء في «الإكليل» من خبر لقمان : أنه أعطي ما لم يعطه غيره في زمانه ، أعطي حاسة (١٠٠) رجل ، وكان طويلا جدا ، وهو الحكيم المذكور في القرآن ، وزعم البعض نبوته.