وغربته ، إنّ القبر يقول كلّ يومٍ : أنا بيت الغربة ، أنا بيت
التراب ، أنا بيت الوحشة ، أنا بيت الدود والهوامّ . . . » .
وهناك يستبدل الإنسان
بظهر الأرض بطناً ، وبالأهل غربةً ، وبالنور ظلمةً ، وبسعة العيش ورفاهيته ضيق القبر ووحشته ، فينقطع الأثر ، ويُمحى الذكر ، وتتغير الصور ، وتبلى الأجساد ، وتنقطع الأوصال .
يقول أمير المؤمنين عليهالسلام : « فكم أكلت الأرض من عزيز جسدٍ ، وأنيق لونٍ ، كان في الدنيا غذيَّ تَرَفٍ ، وربيبَ شرفٍ ، يتعلّل بالسرور في ساعة حزنه ، ويفزع الى السلوة إن مصيبةٌ نزلت به ، ضنّاً بغضارة عيشه ، وشحاحةً بلهوه ولعبه . . »
.
٢
ـ ضغطة القبر أو ضمّته
: ورد في الأخبار أنّ
الميت يتعرّض إلى ضغطة القبر ، أو ضمّة الأرض ، إلى الحدّ الذي تُفري لحمه ، وتطحن دماغه ، وتذيب دهونه ، وتخلط أضلاعه ، وتكون بسبب النميمة وسوء الخلق مع الأهل ، وكثرة الكلام ، والتهاون في أمر الطهارة ، وقلّما يسلم منها أحد ، إلّا من استوفى شرط الإيمان ، وبلغ درجات الكمال .
قال أبو بصير : قلت
لأبي عبد الله عليهالسلام : أيفلت من ضغطة القبر أحد ؟ فقال : «
نعوذ بالله منها ، ما أقلّ من يفلت من ضغطة القبر . . ! » .
وتعرّض لضغطة القبر
الصحابي الجليل سعد بن معاذ رضياللهعنه ( ت ٥ هـ ) حيث جاء في الروايات أنه لمّا حُمِل على سريره شيعته الملائكة ، وكان
__________________________