المدين (١٥٩) في دفع شتّى. هذا وإن كان إنما وإن عزم ، وأمده كاد أن ينصرم ، فمنفعته بحول الله كبرى ، وفيه مآرب أخرى. فتنفّس صدر الجو وزفر ، وقطب وجهه بعد ما سفر ، وسحّ (١٦٠) الغمام وانسكب ، وارتكب (١٦١) من أمر الهنا (١٦٢) ما ارتكب فلم تجف له قطره ، ولا خطرت بباله للصحو خطره ، فسئمنا ذلك العارض الهطال (١٦٣) ، وسهرنا الليل وقد طال ، وما راعنا والصبح قد نمّ من خلف الحجاب ، وقضيّته قد انتقلت من السلب (١٦٤) إلى الإيجاب ، والغمام لا يفتر انسكابه إلا السلطان قد ارتحل ركابه. فضربنا بالقباب وجه الصعيد ، واستقبلنا طيّة الغرض البعيد ، نهيم في ذلك الوادي ، ونكرع من أطواقنا في غدران الغوادي وقد تهدّلت الفروع ، وخضلت بالغيث تلك الزروع كأنما أخلفتها (١٦٥) الريح فترامت ، وسقتها (١٦٦) كؤوس السحب حتى سكرت ونامت ، والمذانب (١٦٧) أمثال الصلال قد تفرّعت وكأنما رعناها (١٦٨) فانسابت أمامنا وأسرعت ، ومخيلة الصحو لا تتوسم والجو تستضحكه بشأننا فلا يتبسم. ومررنا بوادي المنصورة التي نسب الوادي إليها ، وعرضت مراكب تيّاره بين يديها وأطلالها بالية. وبيوتها خاوية خالية ، ومسجدها بادي الاستكانة خاضع للبلى على سمو المكانة ، فعبرنا واعتبرنا وأبصرنا فاستبصرنا (١٦٩) وقول أبي الطيّب (١٧٠) قد تذكرنا (١٧١) :
__________________
(١٥٩) في (ب) الدين
(١٦٠) في (ب) وهما
(١٦١) في (ا) (وزفر وارتكب) وهو تكرار لا مبرر له
(١٦٢) في (ا) المنا ، وقرأها مولر من ايراطنا
(١٦٣) كذا في (ا ، ب) وقرأها مولر المطل
(١٦٤) في (ب) النفي
(١٦٥) في (ا) أخافتها
(١٦٦) في (ا) وسقتنا
(١٦٧) كذا في (ب) ، ووردت في (ا) المثاقب والمتن أصح
(١٦٨) كذا في (ا) وردت في (ب) وكأنما رعناه
(١٦٩) لعل صحتها واستبصرنا
(١٧٠) ساقطة في (ا) ، وأبو الطيب هو الشاعر المتنبي.
(١٧١) قد زيادة عن (ب)