ويواصل ابن الخطيب
رحلته إلى مدينة أغمات ، وهنا يتكلّم عن محاسن هذه المدينة وسذاجة أهلها وعن
شخصياتها وآثارها. ومن بين ما ذكره عن مسجدها ومئذنته المخروطية الشكل وهو نص عظيم
الأهمية من الناحية المعمارية الأثرية. وقد زار ابن الخطيب في هذه المدينة قبر الملك الشاعر المعتمد بن عباد ملك إشبيلية وأحد ملوك
الطوائف الذي نفاه المرابطون إلى هذا المكان بعد أن استولوا على الأندلس في القرن
الخامس الهجري (الحادي عشر الميلادي). وقد مدحه الخطيب بقصيدة جميلة نشرها وترجمها
المؤرخ الهولندي المعروف دوزي ضمن النصوص التي قدّمها عن أسرة بني عباد .
بعد ذلك يعود ابن
الخطيب إلى مدينة سلا مارّا في طريقه بمدن مختلفة مثل دكاله وأزمور وآسفي ومراكش.
فأخذ يصف هذه المدن وما فيها من مساجد ومدارس ومكتبات وجبّانات ، كما أشار إلى من
اتصل به من علمائها وشيوخها. وأخيرا ينتهي به المطاف إلى مدينة سلا Sale على ساحل المحيط الأطلنطي بأقصى المغرب.
وهناك استقرّ ابن الخطيب في ضاحيتها المعروفة باسم شاله Chella حيث الجبّانة الملكية لبني مرين .
يقول المقّري في
هذا الصدد : (وفي شاله سلا رابط ابن الخطيب بجوار أضرحة ملوك بنى مرين سائلا لهم
من المولى عزوجل الرحمة والغفران) .
ولقد عاد عليه هذا
العمل بخير جسيم ، إذ تفضّل السلطان المريني أبو سالم فأمر بأن يصرف له من مجبي
مدينة سلا مرتّب شهري له ولولده مبلغ خمسمائة دينار ، وأن يعفى من كل مغرم أو
ضريبة ، وأن يرفع الاعتراض فيما يجلب له من الأدم والأقوات على اختلافها من حيوان
وسواه فيما يستفيد خدامه من عنب وقطن وفاكهة وخضر ... الخ .
__________________