كذلك يشير ابن الخطيب إلى الجالية المسيحية المقيمة بثغر المريه ، وكان أفرادها يشتغلون بالتجارة والاستيراد والتصدير بطبيعة الحال ، ومن كلامه نلاحظ أنهم ساهموا في الترحيب بالسلطان بأن نشروا فوقه مظلّة كبيرة من الحرير لتحجب عنه أشعة الشمس.
ثم يتكلّم ابن الخطيب عن صعود السلطان إلى قلعة المدينة لتفقد حصونها الدفاعية ، ومشاهدة آثار الأولين الذين ساهموا في تأسيسها ولا سيّما خيران العامري الصقلبي والمعتصم بن صمادح وهما من ملوك الطوائف الذين حكموا هذه المنطقة في القرن الخامس الهجري (الحادي عشر الميلادي) (٨).
ثم بعد ذلك يغادر السلطان وصحبه مدينة المريه مارّين ببعض المدن الهامّة مثل بجانه Pechina ومرشانه Marchena وفنيانه Finana وينتهي بهم المطاف مرّة أخرى إلى مدينة وادي آش ومنها إلى العاصمة غرناطه ، مقر الحكم والسلطان.
وينبغي أن نشير في هذا الصدد إلى عبارات أوردها ابن الخطيب في سياق النص تشير كلّها إلى خروج النساء في جماعات كبيرة واختلاطهن بالرجال للمشاركة في استقبال السلطان ، فمن ذلك مثلا قوله : (.. واختلط النساء بالرجال ، والتقى أرباب الحجا بربّات الحجال ، فلم تفرّق بين السلاح والعيون الملاح ، ولا بين حمر البنود وحمر الخدود).
ويبدو من هذا النص وأمثاله ، أن نساء غرناطه كنّ أكثر تحررا من نساء العالم الإسلامي في ذلك الوقت. ولعلّ هذا ناتج من تأثير الجوار بالبلاد المسيحية المحيطة بهذه المملكة الصغيرة من كل جانب. وهناك شواهد أخرى كثيرة تؤيد هذا الكلام إلا أنها مع الأسف الشديد وردت فقط في المصادر
__________________
(٨) انظر Antonio Prieto y Vives : Los Reyes De Taifas) Madrid ٦٢٩١ (انظر كذلك (مختار العبادي : الصقالبة في إسبانيا ، لمحة عن أصلهم ونشأتهم وعلاقتهم بحركة الشعوبية ، مدريد ١٩٠٣).