في بيروت
برزت مدينة بيروت
صباح «الأحد» مكللة بأكاليل الزهور والرياحين ، موشحة بالطنافس والرياش الثمينة ،
تخفق على دار الحكومة والدوائر الرسمية والمخازن والحوانيت والبيوت الرايات
العثمانية المظفرة ، وانطلق تلامذة المدارس الأهلية من ذكور وإناث بموسيقاتها إلى
تلك الساحات الفسيحة ، وخرجت النساء مع الأطفال من خدورهن مبتهجات مسرورات يشاركن
الرجال في احتفالهم واحتفائهم بدولة الزائر الكريم.
وأخذ رجال هذه
الحفلة الفائقة يعقدون سلك نظامه على صورة تسر الناظرين ، وترتاح إليها نفوس
العثمانيين.
وفي الحقيقة لم تر
مدينة بيروت منذ سنين عديدة مثل هذا الاحتفال الباهر بهجة وانتظاما ، وكانت الهيئة
المحتفلة ممتدة من «فرن الشباك» حتى «نزل غاسمان» الألماني الشهير ، وكان ترتيب
صفوف العساكر النظامية وأفراد الجندرمة والبوليس ، وجواش البلدية ، وتلاميذ
المدارس أحسن ترتيب.
وكانت موسيقات
المدارس تشنف آذان السامعين بأنغامها المطربة ، وكان الكريم المنان يمطر بيروت
تارة غيثا رذادا ، وطورا يصحو الجو ، ولكن الغيوم كانت متلبدة في السماء ، أما
الهواء فقد كان في غاية من اللطف والاعتدال ، فمضت هذه الساعات اللطيفة والناس
يتجاذبون أطراف الحديث «والحديث شجون» يعددون مناقب زائر بيروت الكريم ، وفي
الساعة الثالثة نهض عزمي
__________________
| |