منطيق ويجلّ عن
الاحصاء والاستقصاء بالتحقيق ، حتى قيل كان بها سبعون الفا من الأبكار يحفظن
المدونة لابن قاسم المالكي العالي المقدار ، وأنه كان بها اذ ذاك ثلاثون الفا من
الأبكار يكتبن على الفتوى هذه همم اناثها فما الظن بذكورها. ورأيت بخط بعض العلماء
ما صورته : «واما المدينة المكرمة قرطبة (٤ ب بر) فإنها من حسن البناء ونظم
التأليف بالموضع الرفيع المنيف. وأما جامعها فلم يبن في ديار المشرق نظيره وهو
الآن مقفل مغلق لا يجسر جاسر على فتحه ، لما رأوا من الآيات التي ملأت قلوبهم هيبة
واعظاما له ، وجعلوا به الكتب الاسلامية التي هي أعظم التأليف وأنبه التصنيف بحيث
الأرضة يسمع لها دوي كدوي النحل فيها على ما اخبرنا بذلك غير واحد. وقيل ان الربع
المعمور المشتمل على الأقاليم السبعة صوّر في مثال طاوس وأن بلاد الاندلس جاءت
مؤخره وهو أحسن ما في الطاوس وأمثل. وقد خصّ الله تعالى تلك البلاد الكريمة بخصائص
اجتمعت فيها ومزايا لا توجد في غيرها بحيث ما هو متفرق في البلدان مما هو
غاية في نباهة الشأن ، فمن أوصافها ما ذكره البكري رحمهالله تعالى انها . شامية في طيبها وهوائها ، ويمانية في اعتدالها واستوائها
، هندية في عطرها وذكائها ، أهوازية في عظم جنّاتها ، صينية في جواهر (٧ ب اسطنبول) معادنها ، عدنية
في منافع سواحلها وفيها آثار عظيمة
__________________