أيدي العسكر الإسلامي من الغنائم. وعند ما توجه الملك الظاهر من دمشق لملتقى عساكره العائدة من غزوة سيس أصدر أمره لما نزل على قارا بين دمشق وحمص بنهب أهلها وقتل كبارهم فنهبوا وقتل منهم جماعة ، وكانوا نصارى يسرقون المسلمين ويبيعونهم خفية من الفرنج. وأخذت صبيانهم مماليك فتربوا بين الترك في الديار المصرية فصار منهم أجناد وأمراء. وشنّ الظاهر الغارة على الفرنج (٦٦٥) من أطرافهم واستدعى بالمجانيق من دمشق. وفي سنة (٦٦٦) توجه الملك الظاهر بعساكره المتوافرة من مصر إلى الشام ففتح يافا من الفرنج وهدمها وقلعتها وملك الباشورة بالسيف وعوض أهل القلعة أربعين ألف درهم ، ثم قصد قلعة الشقيف شقيف تيرون فنزل تحتها في وادي العواميد وحاصرها فلم يقدر على أخذها ، ثم صعد إلى أعلاها وكشف ماءها وبعد هزيع من الليل ذبح في قناتها عدة من الغنم والبقر وقطع كروشها ورماها فيها ، فلما أصبحوا وجدوا ماءهم منتنا وهو دم عبيط فسلموها بعد حصار عشرة أيام ، ووجد بها أربعمائة وثمانين رجلا فأرسلهم إلى الفرنج في صور ، ورتب عليها قوما من جماعته وبنى برجا على باب القلعة.
ثم أغار الظاهر على طرابلس فقطع أشجارها وغور أنهارها وضرب أربعا وعشرين من قراها ، فانهالت عليه المردة من الجبال فذهب إلى حصن الأكراد ، ومن هناك زحف على أنطاكية فنازلها بغتة ، وبعد حصار أربعة أيام ملكها بالسيف فقتل أهلها وأحرق كنائسها وغنم منها أموالا كثيرة ، وأحصي من قتل بأنطاكية هذه المرة فكانوا نيفا وأربعين ألفا ، ثم أطلق من كان بها من الأسرى ، وفي رواية أنه قتل من حماتها بين ١٦ و ١٧ ألف صليبي وأخذ مئة ألف أسير وأحرقها وقلعتها ، ونال من غنائمها ما لا يدخل تحت حصر ، وخرج جماعة من أهلها يطلبون الأمان وشرطوا شروطا لم يجب الظاهر إليها وزحف عليها فملكها. وكانت أنطاكية للبرنس بيمند بن بيمند وله معها طرابلس ، ولما فتحت أنطاكية هرب أهل بغراس منها وتركوا الحصن خاليا فأرسل الظاهر واستولى عليه.
ووقع الصلح بين الظاهر وهيتوم صاحب سيس الأرمني على أنه إذا أحضر