(أعد ذكر نعمان لنا إنّ ذكره (١) |
|
هو المسك ما كررته يتضوّع) |
فإنه لو فتح نون (نعمان) من غير تنوين يستقيم الوزن ولكن (٢) يقع فيه زحاف يخرجه عن السلاسة كما يحكم به سلامة الطبع ، فإن قلت : الاحتراز عن الزحاف ليس بضروري ، فكيف يشمله قوله : للضرورة. قلنا : الاحتراز عن بعض الزحافات إذا أمكن الاحتراز عنه ضروري عند الشعراء ، وأما الضرورة الواقعة لرعاية القافية ، فكما في قوله :
سلام (٣) على خير الأنام وسيّد |
|
حبيب إله العالمين محمد |
بشير (٤) نذير هاشميّ مكرم |
|
عطوف رؤف من يسّمى بأحمد |
فإنه لو قال : (بأحمد) ـ بفتح الدال لا يخلّ بالوزن ولكنه يخل بالقافية فإن حرف الروي في سائر الأبيات ، الدال المكسورة (أو للتناسب) أي : ويجوز صرف غير المنصرف، ليحصل (٥) التناسب بينه وبين المنصرف ؛ لأن رعاية (٦) التناسب بين
__________________
(١) جواب سؤال مقدر نشأ من الأمر بالإعادة أو بالفتح ، علة لذلك الأمر بحذف اللام. (رضا).
(٢) ولما كان كلمة لكن من حروف العاطفة كيف أن تجامع مع الواو العاطفة ، مع أنه لا يجوز اجتماع حرفي العطف قلنا : نعم الأمر كذلك أن كلمة لكن إذا وقعت بعد الواو يخرج عن كونها للعطف ، وتتمحض للاستدراك ، كما أن اللام إذا اجتمعت مع سوف تخرج عن كونها للحال وتخلص للتأكيد. (شيخ زاده للقاضي).
(٣) مبتدأ مخصوص بالنسبة إلى المتكلم مثل سلام عليك ، أي : سلامي ، أي : سلام من قبلي ، أي : التنزيه من كل آفة ونقيضه ، والتبرئة من كل عيب. (توقادي).
(٤) قوله : (بشير) فعيل بمعنى فاعل للمبالغة أي : مبشر للمؤمنين بالمغفرة والإحسان والرحمة في دار الجنان ، نذير أي : منذر للكافرين مخوف إياهم بالخلود في النار والعاصين بالعذاب ، هاشمي أي : منسوب من قبيلة هاشم ، مكرم عند الله تعالى وأهل سمواته وأهل أرضه ، بل عند كل الخلائق. (م ح).
(٥) أشار بهذا إلى شيئين أحدهما أن قوله : (أو للتناسب) من قبيل ضربته تأديبا له ، يعني أن هذا مغاير بحسب النوع للقسم الأول ، ولهذا أعاد فيه الجار ، وثانيهما إلى وجه ذكر سلاسلا مع أغلالا ، فإن وجه المناسبة لا يعرف إلا بذكرهما معا كما أشار إليه الشارح. (جلبي).
(٦) قوله : (لأن رعاية التناسب ... إلخ) ولهذا صار السجع من أجمل المحسنات ، وذلك يكون في آخر الكلام الفصيح على أنحاء مختلفة ، منها ما في قولهم : (هنأني الشيء ومرأني) مع أن الأصل أمرأني عند من لم يثبت مرأني ، ومنها ما في قوله تعالى : (وَالْفَجْرِ وَلَيالٍ عَشْرٍ وَالشَّفْعِ ـ