الكتاب الثاني
من أخبار الصين والهند
قال أبو زيد الحسن السيرافي : انّني نظرت في هذا الكتاب يعنى الكتاب الأول الذي أمرت بتأمله وإثبات ما وقفت عليه من أمر البحر وملوكه وأحوالهم وما عرفته من أحاديثهم ممّا لم يدخل فيه ، فوجدت تاريخ الكتاب في سنة سبع وثلاثين ومائتين وأمور البحر في ذلك الوقت مستقيمة لكثرة اختلاف التجار اليها من العراق.
[تكذيب المؤلف لخرافة أكل الموتى الطعام]
ووجدت جميع ما حكى في الكتاب على سبيل حق وصدق ، إلّا ما ذكر فيه من الطّعام الذي يقدّمه أهل الصين إلى الموتى منهم وانه إذا وضع بالليل عند الميت أصبحوا فلم يوجد وادعوا انه يأكله ، فقد كان بلغنا هذا حتى ورد علينا من ناحيتهم من وثقنا بخبره فسألناه عن ذلك فأنكره ، وقال : هى دعوى لا أصل لها كدعوى أهل الأوثان انّها تكلمهم.
وقد تغيّر بعد هذا التاريخ أمر الصين خاصّة ، وحدثت فيه حوادث انقطع لها الجهاز (١) اليهم وخرب البلد وزالت رسومه وتفرق أمره وأنا أشرح ما وقفت عليه من السّبب في ذلك إن شاء الله :
السبب في تغيّر أمر الصين عما كان عليه من الاحكام والعدل
__________________
(١) الجهاز والتجهيز : الرحلة والتوجه اليها بمحتاجاتهم.