الملونة ، كأنها الروضة حسنا ، وعليها قبة رصاص كأنها التنور العظيم الاستدارة ، يقال : إنها كانت مخزنا لمال الجامع ، وله مال عظيم من خراجات ومستغلات تنيف على ما ذكر لنا على الثمانية آلاف دينار صورية في السنة ، وهي خمسة عشر ألف دينار مؤمنية أو نحوها. وقبة أخرى صغيرة في وسط الصحن مجوفة مثمنة من رخام قد ألصق أبدع إلصاق ، قائمة على أربعة أعمدة صغار من الرخام وتحتها شباك حديد مستدير ، وفي وسطه أنبوب من الصفر يمج الماء الى علو ، فيرتفع وينثني كأنه قضيب لجين ، يشره الناس لوضع أفواههم فيه للشرب استظرافا واستحسانا ، ويسمونه قفص الماء. والقبة الثالثة في الجانب الشرقي قائمة على ثمانية أعمدة على هيئة القبة الكبيرة لكن أصغر منها.
وفي الجانب الشمالي من الصحن باب كبير يفضي الى مسجد كبير ، في وسطه صحن ، قد استدار فيه صهريج من الرخام كبير ، يجري الماء فيه دائما من صفحة رخام أبيض مثمنة قد قامت وسط الصهريج على رأس عمود مثقوب يصعد الماء منه اليها ، ويعرف هذا الموضع بالكلاسة ، ويصلي فيه اليوم صاحبنا الفقيه الزاهد المحدث أبو جعفر الفنكي القرطبي ، ويتزاحم الناس على الصلاة فيه خلفه التماسا لبركته واستماعا لحسن صوته.
وفي الجانب الشرقي من الصحن باب يفضي الى مسجد من أحسن المساجد وأبدعها وضعا وأجملها بناء ؛ يذكر الشيعة أنه مشهد لعلي بن أبي طالب ، رضياللهعنه. وهذا من أغرب مختلقاتهم. ومن العجيب أنه يقابله ، في الجهة الغربية في زاوية البلاط الشمالي من الصحن ، موضع هو ملتقى آخر البلاط الشمالي مع أول البلاط الغربي ، مجلل بستر في أعلاه ، وأمامه ستر أيضا منسدل ، يزعم أكثر الناس أنه موضع لعائشة ، رضياللهعنها ، وأنها كانت تسمع الحديث فيه. وعائشة ، رضياللهعنها ، في دخول دمشق كعلي ، رضياللهعنه ، لكن لهم في علي ، رضياللهعنه مندوحة من القول ، وذلك أنهم يزعمون أنه رؤي في المنام مصليا في ذلك الموضع فبنت الشيعة فيه مسجدا. واما الموضع المنسوب لعائشة ، رضياللهعنها ، فلا مندوحة فيه وإنما ذكرناه لشهرته في الجامع.