٧١ ـ أبو جعفر أحمد بن قادم القرطبي
بيت بني قادم ، مشهور بقرطبة ، وقد تقدم في الأطباء منهم أبو عبد الله بن قادم ، وجد أبي جعفر لأمه أبو جعفر الوزغي (١) الأديب المشهور. وكان أبو جعفر بن قادم آية في الشعر والتوشيح ، أولع الناس بغلام صقيل الخدّ ، أو بغلامة قائمة النّهد ، اجتمع به عمى يحيى بقرطبة ، واستنشده من شعره ، فأكثر من ذكر الغلمان والجواري فقال له : يا أبا جعفر ، كأنك وكّلت على التغزل في الغلمان والجواري؟! فقال على الفور : فترى أنت يا سيدي من الرأي أن أقصر نظمي على كل تيس مثل سيدي وأشباهه؟ قال : فكدت والله أموت من الضحك ، وعذرته ، فإني كنت كلما وصلت من السّفر ، ولي لحية كبيرة ضخمة ، وعليّ حلية الجنديّة ، وليس لي عبارة الأدباء.
ومما اخترته مما كتبه عنه من شعره قوله ، وقد جلس مع ندماء في جنّة يشقّها نهر ، فرمى أحدهم فيه بطبق ورد نثره عليه :
يا حبّذا الروض النضير يشقّه النّ |
|
هر الذي من فوقه الورد افترق |
شبّهته بالأفق شقّ ظلامه |
|
نهر الصّباح وفوقه قطع الشّفق |
وقوله :
بأبي وغير أبي غري |
|
ب اللّون يخجل في الكلام |
ماء الشباب بوجهه |
|
يبدي لنا مزج المدام |
خيلانه كحبابها |
|
ولثامه بدل الفدام |
ألقى به كسحابة |
|
سفرت عن البدر التّمام |
وفّى لنا ألفا وكل |
|
م فانثنى أدبا كلام |
فلثمت منه موطىء النّ |
|
عل الذي فوق الرّغام |
وطفقت أملأ جانبي |
|
ه من اعتناق واستلام |
فكأنني قد طفقت من |
|
ه هناك بالبيت الحرام |
ووردت زمزم كوثر |
|
ولثمت أركان المقام |
وأنا أميّله ويأ |
|
بى قدّه إلا قوام |
كالبان تعطفه فإن |
|
خلّيته في الحين قام |
يا خصره! يا جيده! |
|
كم من وشاح أو نظام |
متكفّل بهما اعتنا |
|
قي عند ما يرخى الظلام |
__________________
(١) سيترجم له ابن سعيد في هذا الجزء (ص ٢٢٠).