في شكر الله تعالى على ما سهله فيه ، وأكثر الدعاء لها ، والثناء عليها ، وذلك ضحى نهار يوم الأربعاء الرابع عشر من ربيع الآخر سنة تسع وعشرين وخمسمائة ، وقد كان مولده ليلة الخميس السابع بالعدد من جمادى الآخرة سنة ست وخمسمائة في الساعة الثانية منها ، والطالع برج السرطان أو المشتري فيه كمح مح والمريخ في السنبلة ، والزهرة في الخامس ، والعقرب والشمس في السادس من القوس ، والقمر وزحل في التاسع ، وسهم السعادة في العاشر.
وقد كان المعروف ببدران الكافر ، لعنه الله في يوم الثلاثاء المتقدم ليوم الأربعاء ، الذي قتل فيه ، قد راح من بين يديه بعد أن أسر إليه بشر يعمل عليه ، فلما حصل في بيته وقت الظهر من يومه المذكور ، أرسل الله تعالى ذكره ، عليه آفة عظيمة ، أخذت بأنفاسه وربا لسانه حتى ملأفاه ، وهلك من وقته ، وكانت الكائنة في غده فبالغ الكافة في حمد الله تعالى ، وشكره على هذه الآية الباهرة ، والقدرة الظاهرة ، وواصلوا تسبيحه وتقديسه وتمجيده ، فسبحان مالك الأمر ومدبر الخلق ، تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
وفي الوقت نودي بشعار أخيه الأمير شهاب الدين محمود بن تاج الملوك ابن أتابك ، وجلس في منصبه ، بمحضر من والدته خاتون صفوة الملك ، وحضر الأمراء وأماثل الأجناد ، وأعيان الرعية ، فسلموا عليه بالإمرة ، واستحلفوا على الطاعة (١٣٦ و) له ولوالدته ، والمناصحة في خدمتهما ، والنصرة لأوليائهما ، والمجاهدة في أعدائهما ، وحلف كل منهم بانشراح من صدره ، وانفساح من أمله ، وظهر من سرور الكافة خاصيها وعاميها ، بهذه النوبة السعيدة ، والأفعال الحميدة ، ما يزيد على الوصف ، وأيقنوا بالخلاص من المكروه الذي أشرفوا عليه ، واستقامت الأحوال ، وتحققت الآمال.
وتتابعت المكاتبات في أثناء ذلك ، من سائر الجهات ، بوصول عماد الدين ، في عسكره ، وقطعه الفرات مجدا لتسلم دمشق ، من شمس الملوك