هذه المياه أنّ
الأرضين المختلفة مثل مواضع الشب ، والمواضع النارية والرمادية إذا خالطت الماء
أفادته طعوما مختلفة على قدر اختلافها وأعداد طعومها. انتهى.
ومن الغرائب ما
رأيناه بهذا البندر ، وهي عين على قلّة جبل تنبع وتجري في السنة ثلاثة أيام ثم
تغور وتنقطع ، وكانت أول دخولنا البندر منقطعة ، ثم بعد إقامتنا هنالك شهرين قيل :
نبع ماؤها فقصدناها للتفرج ، وقصدتها الهنود للعبادة. وكنا قصدناها قبل ذلك لما
وصفت لنا فرأيناها غائرة ومجراها يابسا. وقد اتخذت الهنود عندها حياضا ، ولما نبع
الماء امتلأت تلك الحياض ، وهو ماء عذب أبيض برّاق. ويحكى مثل هذا كثير إلّا أن
للعيان موقعا ليس للسماع.
فيقال : أن بالقرب
من نهر أذربيجان نهرا يجري فيه الماء سنة ثم ينقطع ثماني سنين ثم يعود في التاسعة.
وقيل أنه ينعقد حجرا ثم يستعمل منه اللّبن ويبنى به.
ويقال : أنّ في
تلك الأرض بحيرة تجفّ فلا يوجد فيها سمك ولا طين سبع سنين ، ثم يعود الماء والسمك
والطين.
ويقال : أنّ نهر
صقلان يجري فيه الماء يوما واحدا في كلّ أسبوع ، ثمّ ينقطع سنة أيّام ، فسبحان
الفعّال لما يريد.
فائدة : كلّ ماء
يجري فهو نهر ، وحيث ينبع فهو عين. وحيث يكون معظم الماء فهو بحر.
قال بطليموس : إن
بهذا الربع المسكون مائتي نهر من خمسين فرسخا إلى ألف فرسخ وكلّها تبتدئ من الجبال
وتنتهي إلى البحار.
قيل : وليس في
الأنهار أطول من نهر النيل ، وليس في العالم ما يسمى بحرا ونهرا سواه ، وقد كثرت
أقاويل الناس فيه ، وأطالوا الكلام عليه ، وهو يظهر من تحت جبل القمر (بلفظ أحد النيرين)
وإنما سمي بذلك لما يظهر من تأثير القمر فيه عند زيادته ونقصانه من النور والظلام
في البدر والمحاق.
ذكر أنّ جماعة
صعدوا هذا الجبل ليحيطوا خبرا بمبدأ النيل ، فرأوا وراءه