خانه ، من يعظّم عليه أهانه ، دعوا المزاح فإنه يورث الضغائن ، وخير القول ما صدّقه الفعل ، احتملوا لمن أذلّ عليكم ، واقبلوا عذر (١) من اعتذر إليكم ، اطع أخاك وإن عصاك ، صله وإن جفاك ، أنصف من نفسك قبل أن ينتصف منك ، وإيّاك ومشاورة النساء ، واعلم أن كفر النعمة شؤم (٢) ، وصحبة الجاهل شؤم ، ومن الكرم الوفاء بالذمم ، ما أقبح القطيعة بعد الصّلة ، والجفاء بعد اللطف ، وأقبح العداوة بعد الودّ ، لا تكونن على الإساءة أقوى منك على الإحسان ، ولا إلى البخل أسرع منك إلى البذل ، واعلم أن لك من دنياك ما أصلحت به مثواك ، فأنفق في حق ، ولا تكوننّ خازنا لغيرك ، وإذ كان الغدر في الناس موجودا فالثقة بكل أحد عجز ، أعرف الحقّ لمن عرفه لك ، واعلم أن قطيعة الجاهل تعدل صلة الغافل (٣) ، قال : فما رأيت كلاما أبلغ منه ، فقمت وقد حفظته.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا رشأ بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، نا أحمد بن داود الزيادي ، عن الأصمعي ، نا معتمر بن حيّان ، عن هشام بن عقبة أخي ذي الرّمة الشاعر ، قال : شهدت الأحنف بن قيس وقد جاء إلى قوم في دم فتكلم ، فقال : احتكموا فقالوا : نحكم ديتين قالوا : ذاك لكم ، فلما سكتوا قال : أنا أعطيكم ما سألتم غير أني قائل لكم شيئا : إنّ الله عزوجل قضى بدية واحدة ، وأنّ النبي صلىاللهعليهوسلم قضى بدية واحدة ، وان العرب تعاطى بينها دية واحدة ، وأنتم اليوم تطالبون ، وأخشى أن تكونوا غدا مطلوبين ، فلا ترضى الناس منكم إلّا بمثل ما سننتم على أنفسكم ، قالوا : فردّها إلى دية واحدة ، فحمد الله وأثنى عليه ، وركب (٤).
أخبرنا أبو محمّد (٥) عبد الله بن علي بن الآبنوسي في كتابه.
ثم أخبرنا أبو محمّد بن طاوس ، أنبأ أبي (٦) أبو البركات أحمد بن عبد الله ، قالا : أنا أبو القاسم التنوخي ، نا أبو المفضّل محمّد بن عبد الله بن محمّد الشيباني الكوفي الحافظ ، نا إبراهيم بن محمّد بن عرعرة الشامي البصري بنصيبين ، حدّثني أبو العيناء عن الأصمعي ، عن العلاء بن جرير ، عن أبيه ، عن الأحنف بن قيس قال : ثلاثة لا
__________________
(١) تقرأ بالأصل : «عثر» والمثبت عن الجليس الصالح.
(٢) الجليس الصالح : لؤم.
(٣) الجليس الصالح : العاقل.
(٤) الخبر في سير الأعلام ٤ / ٩٣ وانظر وفيات الأعيان ٢ / ٥٠١.
(٥) كتبت فوق الكلام بين السطرين.
(٦) كتبت فوق الكلام بين السطرين.