لمن عادانا عادى ، ولمن ولانا وال ، وسيوفنا قد أصبحت مفاتح المعاقل ، فإذا ملكناها عادت لها أقفالا ، والبشائر مخترقة الأمصار ، والعساكر التي هجرت أوطانها ، ونصرة الله قد كتبت من المهاجرين والأنصار».
وكتب الأمير حسام الدين لاجين ـ رحمهالله ـ نائب السلطنة بالشام إذ ذاك كتابا إلى الملك الصالح علاء الدين علي ابن السلطان الملك المنصور ـ رحمهماالله تعالى ـ يهنئه بفتح المرقب ، وهو من إنشاء المولى شهاب الدين محمود كاتب الدرج ـ رحمهماالله تعالى ، من مضمونه :
«لا زالت آيات النصر تتلى على سمعه من صحف البشائر ، ونفائس الظفر تجلى على سره في أسعد طالع ، وأيمن طائر ، وفواتح الفتح تملى لديه بما تزهى به الأسرة ، وتزهر بنوره المنابر ، ومحكمات التأييد تنهي إليه بما تجد مثل الدجى عليه سواد المحابر ، وينهي أنه سطرها والنصر قد لمعت بوارقه ، ونصب بعد النصب على فرق الفرقد سرادقه ، والظفر قد أسفر عن الفتح المبين صباحه ، والتأييد وقد طار به محلق البشائر ، فخفق في الخافقين جناحه ، والإسلام وقد وطىء هام الكفر بقدمه ، والدين وقد عز بفتكات سيفه ، فأنف أن يكون الشرك من خدمه ، والأفلاك وقد علم أنه لهذا الفتح افترقت كواكبها ، والأملاك وقد نزلت لتشهد أخت النصرة البدرية في صفوفها ومواكبها ، وحصن المرقب وقد ألفت عليه الملة الإسلامية أشعر سعدها ، وأنجزت الأقدار التي ذللته للإسلام أن تتطاول إليه يد الحوادث من بعدها ، وقد أحاطت العلوم الشريفة بأن هذا الحصن طالما شحت الأحلام أن تخيل فتحه لمن سلف في المنام ، فما حدثت الملوك أنفسها بقصده إلا وتناهى بها الخجل ، ولا خطبته ببذل النفس والنفائس إلا وكانت من روعة الحرمان على وجل ، وحوله من الجبال كل شامخ يهيب عقاب الجو قطع عقابه ، ولفف الرياح حسرى دون التوقل في هضابه ، ومن الأولى به خنادق لا تعلم منها الشهور إلا بأنصافها ، ولا تعرف فيها الأهلة إلا بأوصافها ، وهو مع ذلك قد تقرط