ان الاطباء يتعاملون يومياً مع المرض والالم والموت ، ومهنة كهذه يستحق عاملها اجورا عالية. بل ان الخطأ والاهمال والتقصير في المعالجة يرجع سببه الى انهماك الطبيب في التعامل مع الجسم الانساني ، بما فيه من تغيرات لا يمكن التنبؤ بها. وهذا التبرير مناقض للواقع. فكما ان الاطباء يتعاملون مع المرض والموت ، فكذلك الممرضين والممرضات المجازين ، فلماذا لا يتعمعتون بنسبة معقولة من الاموال التي يقبضها الاطباء ؟ واذا كان انهماك الطبيب يستدعي ارتكاب الخطأ ، فلماذا لا يدفع الطبيب ثمن خطئه من ماله الخاص ؟ اليس من الظلم تحميل المريض ثمن التجارب المختبرية العديدة التي يأمر بها الطبيب ؟ علماً بان هذه التجارب الزائدة تنفع الطبيب اصلا لا المريض ، لان الخبير ينبغي ان يكون ملمّا بعلمه ، فاين العدالة في ذلك ؟
وهكذا اصبحت المعركة الطبية الرأسمالية معركة ضد النظام المالي بدل ان تكون معركة ضد الامراض والاوبئة. فقد افرزت هذه المعركة نتائج عديدة منها ان النظام الصحي بات يحاول تطبيب المجتمع الانساني ، بمعنى انه يحاول اقحام الطب في مجالات جديدة كان لا يحق له الدخول فيها سابقاً. ولتوضيح ذلك نقول ان المؤسسة الطبية قد اصبحت ثاني اكبر صناعة في الولايات المتحدة ، حيث تستهلك اكثر من عشرة بالمائة من انتاج البلاد وتوظف حوالي عشرة بالمائة من القوى الانتاجية العاملة في صفوفها. واصبحت صناعة الادوية والاجهزة الطبية من اكبر المصالح في النظام الرأسمالي ، واصبحت شركات التأمين الصحية من اكبر الشركات التي تدر على اصحابها اكبر قدر من الاموال. وهذا الاتساع والتضخم له تأثيره السياسي والاقتصادي على النظام الاجتماعي العالمي ، حيث اخذت