ولا يمكن المواظبة على العمل والانتاج وطلب العلم ما لم يقم الفرد باتباع نظام غذائي يبعث فيه كل الوان الطاقة والنشاط والتفكير ، وعليه نبّه رب العزة بقوله : ( كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً ) (١) ، وقوله ايضاً : ( كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا للهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ) (٢). ومع ان تناول الطعام في نفسه يعدّ امراً ضرورياً ، الا ان الاحاديث الواردة في اهمية تناوله ، اكدت جميعاً على ضرورة تقليل كمية المتناول منه ، واشارت الى اهمية اقتصاره على الاساسيات التي تقوي صلب الفرد وتمنحه النشاط المطلوب ، فقد ورد عن الامام جعفر بن محمد (ع) قوله : ( قلة الاكل محمودة في كل حال وعند كل قوم لأن فيه مصلحة للظاهر والباطن ) (٣).
وبطبيعة الحال ، فان الاسلام اهتم باخلاقية تناول الطعام ، واعتبر الاسلوب الجمعي في الاكل افضل من الناحية الصحية والاجتماعية من الاسلوب الفردي. فقد ورد في الروايات استحباب تكثير الايدي على الطعام عائلياً او مع ضيوف ، فعن رسول الله (ص) ورد قوله عندما سألوه « انا نأكل ولا نشبع ؟ » : ( اجتمعوا على طعامكم واذكروا اسم الله عليه يبارك لكم فيه ) (٤) ، وقوله (ص) ايضاً : ( الطعام اذا جمع اربع خصال فقد تم : اذا كان
__________________
(١) المؤمنون : ٥١.
(٢) البقرة : ١٧٢.
(٣) مصباح الشريعة ـ الباب الرابع والثلاثين : ص ٧٧.
(٤) سنن ابن ماجة : رقم ٣٢٨٦.