في تلك الفترة سواء القديمة أو الحديثة ، إلى جانب ما حظيت به رحلته من إضافات عن المناقشات والمناظرات العلمية والأدبية. وبهذا يكون جملة ما تطرق إليه من وصف على الرغم من قلته يعد مكملا لمضمون رحلته. وقد أوضح ابن رشيد مضمون رحلته بقوله : " وقد ضمنته من الأحاديث النبوية والغرائب الأصلية والفقهية واللطائف الأدبية والنكت العروضية وضبطت المشكل من أسماء الرجال والتعريف بكثير من المجاهيل والأغفال" (١).
وكما نلاحظ أن كل ما ذكره ابن رشيد يعد جديدا على فن الرحلة وحرص على إضافته وإن كانت الترجمة للشيوخ قديمة بقدم علم الحديث ولكنها هنا في الرحلة المغربية والأندلسية تعد جديدة ومن إضافات ابن رشيد والرعيني.
وقد حرص ابن رشيد على إصلاح الأخطاء التي وقعت في الأسانيد والآداب. فقد قال : " فمما علمت وجه الصواب فيه أوضحته وأقمت صوابه ونبهت على الذى أصلحته" (٢).
أما العبدري فرحلته تأرجحت بين الرحلة الوصفية والعلمية إذ تشتمل على قسط وافر من الوصف سواء للمراحل أو المدن أو الآثار بالإضافة إلى عنايته الفائقة بشرح النواحي السياسية والحضارية في حين أن الجانب العلمي حظي بالقليل من اهتمامه.
وقام العبدري بتصحيح الأخطاء الشائعة ، معتمدا في ذلك على الموازنة بين الكتب التي تحدثت عن الموضوع وإبراز الصحيح فيها مع بيان رأيه ؛ وبذلك يكون حكمه صادرا من عالم بحقيقة الأمور متمكن من فهم كافة دقائقها مع إصلاحه للأخطاء الموجودة في تلك المصادر عقب رجوعه إليها مما يعد ميزة انفرد بها العبدري ، وإضافة لخصائص الرحلة المغربية والأندلسية (٣).
__________________
(١) ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٢ ، ص ٣٣.
(٢) ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ٣٤.
(٣) العبدري : الرحلة المغربية ، ص ١٧٦.