وعلى الرغم من تقارب الفترة الزمنية بين الرحالة العبدري وابن رشيد والتجيبي ثم فيما بعد ابن جابر الوادي آشي وابن بطوطة والبلوي ، يلاحظ من ذلك اتفاقهم على أسماء شيوخهم حينا واختلافهم حينا آخر. ومنهم من أنكر وجود علماء أثبتت كتابات غيره وجودهم : مثل العبدري مما يحملنا على عدم قبول أقواله في ذلك. فالمدينتان المقدستان جمعتا العديد من العلماء الأفذاذ في تلك الفترة ، وقمنا بإيراد المعلومات الوافية عنهم من خلال تراجم الرحالة لهم وبعض المصادر القريبة العهد بهم.
رابعا : أشهر العلوم وأهم الكتب :
لا ريب أن أكبر جامعتين إسلاميتين بالحجاز إن لم يكن بالعالم الإسلامي كله : هما المسجد الحرام والمسجد النبوي. شهدت ساحاتهما إلقاء دروس في جميع فنون العلوم الإسلامية الشرعية والعربية. وقد أسهمت معهما في أداء دورهما العلمي المدارس المقامة بالمدينتين المقدستين إلى جانب الكتاتيب القائمة على تعليم القراءة والكتابة للصغار.
ولم يكن دور المدارس والكتاتيب واضحا في كتب الرحالة المغاربة والأندلسيين بقدر وضوح دور المسجدين المكي والمدني. إذ أبرزت كتاباتهم مكانتهما العلمية ، وما عقد بهما من حلقات علمية ، وأماكنها ، وأنواع العلوم الملقاة فيها. ومن هذه العلوم التي ذكرها الرحالة :
أ ـ علم القراءات :
حرص الرحالة المغاربة والأندلسيون على تلقي هذا العلم من منبعه وداره.
ومن أشهر علمائه أبو محمد عبد الله الدلاصي الذي تصدر للإقراء وأشار إليه التجيبي وابن جابر الوادي آشي (١).
__________________
(١) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٤٣٣ ـ ٤٣٤ ؛ ابن جابر الوادي آشي. البرنامج ، طبعة ١٤٠١ ه / ١٩٨١ م ، ص ٧٩ ـ ٨٠.