لازب عند طائفة من جنسهم يقال لهم : كويكرس ، وسيأتي ذكرهم. فأمّا عند الفرنسيين فاستعماله إنّما هو في مخاطبة الإدلال كأن يكلّم المحب محبوبته ، أو الوالد ولده. وتحيّة هؤلاء ، بعد صباح الخير ، كيف أنتم تحملون أنفسكم؟ وكلتا التحيّتين لا معنى لهما كما قال فلتير.
ومتى خاطبت أحدا من فلاحي الإنكليز وهو مصغ إليك أبدى همهمة عند كلّ جملة ، أعني قوله : هم. فكأنّها عندهم حرف بمعنى نعم ، وعند كل فقرة تقضي بالاعتبار ، يقول : اه. وإذا هم خاطبوك نفضوا رؤوسهم ، ولا يكادون يشيرون بالأيدي كما هو دأب أهل مالطة وإيطاليا ، وغيرهم ، وليس للهجتهم مطلقا نغمة مطربة سواء تكلّم بها جاهل ، أو عالم ، أو ولد أو امرأة ، إذ ليس في كلامهم مدّ ولا حركات طويلة. وأصوات الرجال من حناجرهم بخلاف اللغة الفرنساوية ، فإن فيها غنّة تستحب من الأولاد والجواري جدّا ، وربّما طرب لها من ليس يعرفها.
ومع أن لغة الإنكليز من اللغات المستحدثة ولم تشهر إلا وأعقبها التمدن ، وطبع الكتب ؛ فلكلّ أهل صقع عندهم كلام ولهجة خاصّان بهم فلا يكاد أحدهم يفهم من صاحبه شيئا بمنزلة ما عند أهل الشام والمغاربة من الفرق. ومن عادة النساء إذا كلّمن أحدا من الخاصّة أن ينحنين له عند كلّ سؤال وجواب ، وعادة الغلمان أن يضعوا أيديهم على رؤوسهم ، وكذا هي عادة الخادم مع مخدومه عند كلّ سؤال وجواب ، حتى القسيسون أيضا يرتاحون لهذه الدغدغة ، وإذا خاطبوا أحدا بكلام توبيخ وغيظ قالوا له سر ، وهي بمعنى سيّد ، حتى إنهم يقولونها عند طردهم كلبا ونحوه ، فيقولون مثلا : اخسأ يا سيّد ، وقد يستعملونها أيضا لتعظيم المخاطب وإجلاله. ومن الغريب في هذه اللفظة أنّها بالفارسية بمعنى رئيس ، ووافقها أيضا في العربية لفظة السريّ! فلا أدري أيّ اللغات هي الأصل لها.
والرجل يقول عن زوجته : معلمتي والمرأة تقول عنه : معلمي ، وإذا خاطب زوجته أحد من الخاصّة بلفظة مدام كان ذلك إشارة إلى تنافرهما ، فخطاب الرضى إنّما هو أن يقول لها : يا محبتي أو عزيزتي. وربّما قالوا : يا قلبي ، ولا يكادون يفهمون يا روحي ويا عيني. ويكثرون من ذكر الشيطان في حالتي التعجّب والاستفهام ، فيقولون أين الشيطان كنت ، ويضيفون لفظة مان بمعنى الرجل إلى كلّ شيء ، فيقولون