فامتنعت واعتذرت بأني لا أستطيع التخلف ، وكان السيد يونس الأدهمي حاضرا فقال : امتثل أمر الشريف وأنا أبقى معك ولو إلى عشرة أيام ، فأجبت. ولم يتهيأ الاجتماع معه تلك الليلة فبتنا في مكة إلى ضحى يوم الاثنين ، فأرسل خلفي واجتمعت به وأكرمني غاية الإكرام ، فرأيته رجلا عاقلا صالحا لا دعوى ولا أنانية ، وهو حنفي المذهب متعصب على الشيعة. ثم إنه أمر خدامه ومن كان حاضرا بالانصراف وإخلاء المكان ، فبقيت أنا وهو لا غير ، فقال : ألك علم بقضية الخبيث السيد نصر الله الكربلائي؟ (١) فقلت : لا. قال : جاءنا هذا الرجل ومعه كتب من نادر شاه ، واحد لي ، وواحد لقاضي مكة ، وواحد لمفتيها ، وواحد لعلماء مكة ، وواحد لشيخ (١٩٤ ب) الحرم المدني ، مضمونها [أن] السيد نصر الله يصلي بالشيعة إماما في مقام إبراهيم. (ومذ دخل هذا السيد [وهو] يرغب ويرهب ، فناديته وقلت له : ما) (٢) الذي جرأك على أن تأتي ديارنا وتدعو الناس إلى مبايعة شاه العجم؟ كأنك ظننت أن الشرفاء روافض وأنك إذا أرغبتهم مالوا إلى مقابلتك ، والله الذي لا إله إلا هو لو جاء سلطان آل عثمان الذي أنا تحت طاعته وبيعته وقاتلني من الشبيكة فلا أطيعه في ذلك ولا أجيبه ، وأقاتله إلى أن أقتل أو أفر إلى أحد أقطار ثلاثة [هي] قطر اليمن أو قطر
__________________
(١) هو السيد نصر الله بن الحسين بن علي بن يونس بن جميل بن علم الدين بن طعمة الفائزي والحائري ، أديب فقيه ، عاش في كربلاء وإليها نسب ، وتلقى العلم على علمائها ، ثم تولى التدريس في مدارسها ، وكان ولوعا ـ باقتناء ـ الكتب ترجم له عصام الدين العمري وأثنى على أدبه (الروض النضر ج ٣ ص ١٣٠) ونوه الخوانساري بحادثة قتله ، فقال ولما دخل النادر (يريد : نادر شاه) المشاهد المشرفة في النوبة الثانية. سنة ١١٥٦ ه / ١٧٤٣ م) وتقرب إليه السيد (يريد نصر الله) أرسله بهدايا وتحف جليلة الى الكعبة المعظمة ، فأتى البصرة ومشى اليها من طريق نجد وأوصل إليها ، فأتى عليه الأمر بالشخوص سفيرا إلى سلطان الروم (يريد السلطان العثماني) لمصالح تتعلق بأمور الممالك والملة ، فلما وصل إلى قسطنطينية وشي به إلى السلطان وذكر أنه قتل هناك ، ولم يحدد تاريخ قتله ، ولكنه ذكر أنها تقع فيما بين ١١٥٠ و ١١٦٠ (روضات الجنات ص ٧٣٤) وفي مصادر ترجمته الأخرى أنها حدثت سنة ١١٦٨ ه ١٧٥٤ م (سلمان هادي آل طعمة : شعراء من كربلاء ، النجف ١٩٦٦ ، ج ١ ص ٣٢) وله ديوان مطبوع ، نشره عباس الكرماني (النجف ١٩٥٤) ، ورسالة في تحريم التتن ، و (سلاسل الذهب) وغير ذلك.
(٢) مطموسة في أفأكملناها من أ.