والحمل على المعنى ؛ فيكون الضمير العائد عليه على حسب الضمير الواقع قبل الموصول ، وإن شئت ، حملت فى جميع ما ذكر بعض الصلة على اللفظ ، وبعضها على المعنى (١) ، إلا أنّ الأولى أن يبدأ بالحمل على اللفظ ، ويجوز الابتداء بالحمل على المعنى ؛ ومن ذلك قوله [من الطويل] :
١١ ـ أأنت الهلالىّ الّذى كنت مرّة |
|
سمعنا به والأرحبىّ المغلّب؟ (٢) |
__________________
التى ضربها عمرو ، وأنا التى ضربها عمرو ؛ فيكون الضمير العائد على الذى والتى عائدا مذكرا أو مؤنثا كالضمير العائد على الأسماء المفردة الظاهرة ؛ ومن ذلك قوله [من الكامل] :
وأنا الّذى عرفت معدّ فضله |
|
ونشدتّ عن حجر بن أمّ قطام |
[البيت لامرىء القيس فى ديوانه ص ١١٨ ، وجمهرة اللغة ص ٩٢٤ ، جمل الزجاجى ١ / ١٨٩ ، الدرر ١ / ٦٤ ، أوضح المسالك ٣ / ٢٧٠ ، التصريح ٢ / ٩٤ ، الأشمونى ٣ / ٢٦]
وإن شئت حملت على المعنى ، فقلت : أنا الذى قمت ، وأنت الذى قمت ؛ لأن الذى هو أنت وأنا من جهة المعنى ، قال [من الرجز] :
أنا الّذى سمّتن أمّى حيدره
[البيت للإمام على بن أبى طالب فى ديوانه ص ٧٧ ، وأدب الكاتب ص ٧١ ، وخزانة الأدب ٦ / ٦٢ ، ٦٣ ، ٦٥ ، ٦٦ ، ٦٧ ، والدرر ١ / ٢٨٠ ، وبلا نسبة فى خزانة الأدب ٢ / ٢٩٤ ، ٦ / ٩٠ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١٠٧٨ ، وهمع الهوامع ١ / ٨٦]
فقال : سمّتنى ، كما لو قال : أنا سمتنى أمى. أه.
(١) م : وقولى : «وإن شئت ، حملت فى جميع ما ذكر بعض الصلة على اللفظ وبعضها على المعنى» ، مثال ذلك أن تقول : جاءنى من قام ، وخرجت ، وأنت تعنى امرأة ، فتحمل قام على اللفظ وخرج على المعنى.
وكذلك أيضا تقول : أنا الذى قام وخرجت فتحمل قام على اللفظ ، وخرج على المعنى.
والأولى فى ذلك كله الابتداء بالحمل على اللفظ قبل الحمل على المعنى ؛ نحو قوله تعالى : (وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً) [الأحزاب : ٣١] فحمل يقنت على لفظ «من» ، وتعمل على معناها ، ومن ذلك أيضا البيت المتقدّم حمل فيه الضمير أولا على اللفظ فقيل «فضله» ثم حمل بعد ذلك على المعنى فقيل : ونشدت.
ويجوز الابتداء بالحمل على المعنى ، ومن ذلك البيت الذى فى الكتاب ؛ ألا ترى أن «كنت» حمل على المعنى ثم حمل بعد ذلك على اللفظ فقيل «به» ومثل ذلك قوله تعالى : (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً) [الطلاق : ١١] فجاء خالدين على المعنى ، ثم جاء بعد ذلك «له» على اللفظ. أه.
(٢) الشاهد فيه قوله : «الذى كنت مرة سمعنا به» حيث حمل بعض الصلة على اللفظ ،