تبكي لحزن هي العبرى وقد عبرت |
|
ودونه من جديد الأرض أستار |
حنين والهة ضلت أليفتها |
|
لها حنينان : إصغار وإكبار |
(ترتع ما رتعت حتى إذا ادّكرت |
|
فإنما هي إقبال وإدبار) (١) |
الشاهد (٢) في رفع (إقبال وإدبار) وهما مصدران قد أخبر بهما عن الوالهة.
__________________
(١) الأبيات في أنيس الجلساء ٧٤ من قصيدة لها ترثي أخاها صخرا. وجاء في صدر الأول (تبكي لصخر .. وقد ولهت) وفي عجزه (من جديد الترب). أما صدر الثاني فكلام آخر هو (فما عجول على بوّتطيف به)
وروي الثاني للخنساء في : اللسان (صفر) ٦ / ١٢٩ والثالث في (رهط) ٩ / ١٧٧ و (قبل) ١٤ / ٥٤ و (سوا) ١٩ / ١٣٥
(٢) ورد الشاهد في : الكامل للمبرد ١ / ٢٨٧ والمقتضب ٣ / ٢٣٠ ومجالس العلماء ٣٤٠ والأعلم ١ / ١٦٩ وشرح الأبيات المشكلة ١٨١ والكوفي ٦ / أ، ١٤٥ / أوالأشموني ١ / ٢١٣ والخزانة ١ / ٢٠٧
ويبرز تفرد سيبويه بين النحويين في انصراف نفسه إلى المعنى وتحسسه للأساليب ، في جعله (الإقبال والإدبار) ـ وهي أسماء معان ـ خبرا لاسم العين (هي). ولم يهضم ذلك من النحويين أحد. فالمبرد والزجاجي يريان ذلك من قبيل حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه ، أي هي ذات إقبال وذات إدبار. أما الأعلم فيرى أنه لو نصب على المصدر لكان أجود ، أي تقبل إقبالا وتدبر إدبارا. ويجد الفارقي لهذا مخرجا بقوله : التقدير : فعلها إقبال وإدبار ، وهو أقربهم إلى سيبويه ؛ بيد أن الفرق في طاقة الأداء على التأثير لا يزال بعيدا. ويرى البغدادي أن اسم المعنى يصح وقوعه خبرا عن اسم العين إذا لزم ذلك المعنى لتلك العين حتى صار كأنه هي. وينقل إلينا في خزانته مما قاله عبد القاهر الجرجاني في هذا فأصاب :
«إنما المجاز في أن جعلتها لكثرة ما تقبل وتدبر ، كأنها تجسمت من الإقبال والإدبار ، وليس على حذف مضاف وإقامة المضاف إليه مقامه ـ وإن كانوا يذكرونه منه ـ إذ لو قلنا : إنما هي ذات إقبال وإدبار ؛ أفسدنا الشعر على أنفسنا ، وخرجنا إلى شيء مفسول وكلام