أجسامهم ، من طول
القيام وكثرة الصيام ـ مستقلين بذلك في جنب الله ، موفون بعهد الله ، منجزون لوعد
الله ، إذا رأوا سهام العدو فوقت ورماحهم قد أشرعت ، وسيوفهم قد انتضيت ، وأبرقت
الكتيبة منهم قدما ، حتى تختلف رجلاه عن عنق فرسه ، وقد رمّلت محاسن وجهه بالدماء
ـ وعفر جبينه في الثرى ، وأسرعت إليه سباع الأرض فكم من عين في منقار طائر طالما
بكى صاحبها من خشية الله ، وكم من كف قد بانت بمعصمها طالما اعتمد عليها صاحبها في
سجوده في جوف الليل ، وكم من خد رقيق ، وجبين عتيق قد خلق بعمد الحديد ، رحمة الله
على تلك الأبدان ، وأدخل أرواحها الجنان
وخطب في المدينة
الناس بعد أن حمد الله وأثنى عليه :
يا أهل المدينة ،
سألناكم عن ولاتكم هؤلاء ، فأسأتم لعمر الله فيهم القول ، وسألناكم : هل يقتلون
بالظن؟ فقلتم لنا : نعم ، وسألناكم : هل يستحلون المال الحرام والفرج الحرام؟ فقلتم
لنا نعم ، فقلنا لكم : تعالوا نحن وأنتم نناشدكم الله إلّا تنحوا عنا وعنكم ،
فقلتم : لا يفعلون ، تعالوا نحن وأنتم نقاتلهم ... بمن يقيم فينا كتاب الله وسنة
نبيه محمد صلىاللهعليهوسلم : فقلتم : لا نقوى ، فخلوا بيننا وبينهم ، فإن نظفر نعدل
في أحكامكم ، ونحملكم على سنة نبيكم صلىاللهعليهوسلم ... .
وقد أرسل له مروان
بن محمد الخليفة من دمشق جيشا بقيادة محمد بن عبد الملك السعدي ، حيث دارت الدائرة
على أبي حمزة وجيشه في المدينة ومكة وقتل في سنة ١٣٠ ه ومعظم أفراد جيشه وقواده .
وقد ذكر ابن
الأثير أن المعركة جرت في وادي القرى ، وأن أبا حمزة ولي المدينة ثلاثة أشهر .
وقد كان عبد
العزيز القارىء المدني المعروف بيشكست ، قد انضم إلى أبي حمزة ، وكان على مذهب
الخوارج ، وكان قبل ذلك من أهل المدينة يكتم ميله للخوارج ، وقد
__________________