إلى ما يستعمله الشخص كالأكل والشرب أما تحلية المساجد تعظيما لها فليس فيه شيء من هذه العلل وهكذا القناديل من الذهب والفضة ؛ لأن الشخص إذا اتخذها للمسجد لم يقصد استعمالها ولا أن تزين بها هو ولا أحد من جهته والذى حرم اتخاذها على أصح الوجهين ، إنما حرم ذلك لأن النفس تدعو إلى الاستعمال المحرم وذلك إذا كانت له ، وأما إذا جعلها للمسجد فلا تدعو النفس إلى استعمال حرام أصلا فكيف تحرم وهى لا تسمى أواني؟
ورأيت الحنابلة قالوا بتحريمها للمسجد وجعلوها من الأوانى أو مقيسة عليها وليس بصحيح ؛ لأنها ليست أوانى ولا فى معنى الأوانى ، هذا فى الكعبة شرفها الله تعالى أما غيرها من المساجد فلا ينتهى إليها فلا يبعد جريان الخلاف فيه ، والأرجح فيه الجواز كما قاله القاضى حسين ، ولا أقول إنه ينتهى إلى حد القربة ؛ ولهذا استمر الناس على خلافه فى الأكثر هذا ما يتعلق بمذهب الشافعى فى اتخاذها من غير وقف فإن وقف المتخذ من ذلك من القناديل أو الصفائح ونحوها ، فقط قطع القاضى حسين والرافعى بأنه لا زكاة فيه ، فأما قطع القاضى حسين فلا يرد عليه شىء لأنه يقول بإباحتها ومقتضاه صحة وقفها وإذا صح فلا زكاة ، وأما الرافعى فقد رجح تحريمها ، ومقتضاه أنه لا يصح وقفها ، لهذا الغرض وإذا لم يصح وقفها تكون باقية على ملك مالكها ، وتكون زكاتها مبنية على الوجهين فيما إذا لم تكن موقوفة فلعل مراد الرافعى إذا وقفت على قصد صحيح أو وقفت وفرعنا على صحة وقفها ، فإن قلت : قد قال المتولى من الشافعية : لو وقف فهل تجصيص المسجد وتلوينه ونقشه هل يجوز؟ على وجهين : أحدهما ، يجوز لأن فيه تعظيم المسجد وإعزاز الدين ، والثانى : لا ؛ لأن النبى صلىاللهعليهوسلم ذكر أن تزيين المساجد من أشراط الساعة وألحقه بترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. قلت : أما كونه من أشراط الساعة فلا يدل على التحريم ، وأما كونه ألحقه بترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فالذى ورد : «لتزخرفنها ثم لا تعمرونها إلا قليلا» فالمذموم عدم العمارة بالعبادة أو الجمع بينه وبين الزخرفة أو الزخرفة الملهية عن الصلاة فى المكروهة ، أما التجصيص ففيه