غيرها فى كراهية كراء دورها على الحجيج ، وعلى ذلك يعنى الخيار من السلف وأما حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما : «من أكل من أجر بيوت مكة فإنما يأكل نارا» فإن بعضهم يرفع ذلك إلى النبى صلىاللهعليهوسلم وبعضهم يقفه على عبد الله بن عمرو وهو الأصح على ما ذكر الدارقطنى وعليه فلا حجة فيه على التحريم ، وبتقدير رفعه فليس ذلك لعدم الملك وإنما هو لخبث المكسب ، كما نهى النبى صلىاللهعليهوسلم عن كسب الحجام وإنما كان الكرى فيها خبيثا لما فيه من ترك مواساة المحتاجين من الحجاج بالسكنى ، وقد قال بعض العلماء بوجوب السكنى بمكة للحاج ؛ لأن السهيلى قال : لما تكلم على هذه المسألة فأرض مكة إذا ودورها لأهلها ولكن أوجب الله عليهم التوسعة على الحجيج إذا قدموا ، وأن لا يأخذوا منهم كراء فى مساكنها ، فهذا حكمها ولا عليك بعد هذا فتحت عنوة أو صلحا ، وإن كانت ظواهر الأحاديث أنها فتحت عنوة انتهى. وإيجاب السكنى للحجيج بمكة ، وترك أخذ الأجرة منهم لا ينافى كون مكة مملوكة لأهلها ؛ لأن الإنسان يجب عليه بذل ماله لحاجة غيره إليه فى مسائل كثيرة منها بذل الخيط لخياطة جرح ، وبذل فضل الطعام والماء لمن اضطر إلى ذلك لسقى زرع أو غيره ، وبذل العمد والخشب لحفظ جدار الغير إذا خشى سقوطه ، ويجب الضمان فى ذلك على من منع ، وفى أخذهم الثمن عن ذلك خلاف وإيجاب ذلك حق للمواساة فيتنزل عليه ما قيل فى دور مكة والله أعلم ، وهذا لإنكاره فيه فى المذهب واختلف مذهب الإمام أبى حنيفة فى أرض مكة فروى عنه كراهية بيعها ، فقيل : مراده لا يجوز البيع ، وذكر قاضى خان أنه ظاهر الرواية ، وقيل : يجوز مع الكراهة ، وأجاز ذلك صاحباه أبو يوسف ومحمد بن الحسن وعليه الفتوى على قول الصدر الشهيد ، وبه جزم النسفى فى الكنز ، واختلف مذهب أبى حنيفة أيضا فى إجارة أرضها فروى عنه وعن محمد بن محمد بن الحسن فى ذلك المنع ، وروى عنهما الجواز مع الكراهة ، واختلف مذهب الإمام أحمد فى ذلك فروى عنه الجواز والمنع ، ورواية الجواز أظهر فى الحجة على ما ذكر الموفق بن قدامة ، ورواية المنع هى المذهب على ما ذكر بن المنجا فى الحنابلة ، ولم يختلف مذهب الإمام الشافعى ـ رضى الله عنه ـ فى