المبتدأ في المعنى ، ولأن الكاف ، لو كان مفعولا ، لافترق الحال بين قولك : أرأيتك زيدا ، وبين قولك : أرأيت زيدا. وفي مجيء التنزيل بالوجهين : (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ)(١)(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ)(٢). والمعنى واحد ، دليل قاطع على أن الكاف للخطاب ، زيدت لتأكيد التاء ، ولأنك تقول : أرأيتك هندا ما صنعت بفتح التاء [٦٥ / أ] والكاف. ولو كانت الكاف هندا ، لكانت مكسورة. فإذن : أرأيتك زيدا ما صنع ، وأ رأيت زيدا ما صنع سيان. وهذه الكاف تثنى ، وتجمع.
فيقال : يا زيد ، أرأيتك عمرا ما صنع؟ ويا زيدان ، أرأيتكما ، ويا زيدون أرأيتكم. ويا هند ، أرأيتك ، فتستغني بتثنية الكاف ، وجمعه ، وتأنيثه عن تثنية التاء ، وجمعه ، وتأنيثه. وإذا قلت : أرأيتك زيدا ما صنع ، فمعناه : أخبرني. وجاز أن يكون أرأيتك في معنى أخبرني ، وإن كان لفظه لفظ الخبر ، كما جاء : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ)(٣). أي : فليتربّصن. ولا يخرجه كونه بمعنى (أخبرني) من أن يقتضي ما يقتضيه في الأصل ، من تعديه إلى مفعوليه. ألا ترى أنهم قالوا : نبّئت زيدا قائما.
فعدّوه إلى ثلاثة مفعولين ، حملا على الإعلام (٤).
ولا يخرجه ذلك عن تعديه ، بحرف الجر ، في نحو قوله تعالى : (وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ) (٥١) (٥).
وأما (زعمت) ، فهو قول يقترن به اعتقاد ، ومذهب قد يصح ، وقد لا يصح. فإذا أردت به القول المحض من غير اقتران اعتقاد به ، [فقد](٦) عومل معاملة القول ، في وقوع ما بعده من حكاية الجمل. كما يكون بعد القول. [قال الشاعر] :
١٦٢ ـ فإن تزعميني كنت أجهل فيكم |
|
فإني شريت الحلم بعدك بالجهل (٧) |
وأما ما أنشده أبو الفتح ، من قوله :
١٦٣ ـ ... |
|
وفي الأراجيز ، خلت ، اللّوم ، والخور (٨) |
فاللوم : مبتدأ. والخور : عطف عليه. وفي الأراجيز : خبر مقدم. وخلت : ملغى. والتقدير :
__________________
(١) ٦ : سورة الأنعام ٤٠.
(٢) ٦ : سورة الأنعام ٤٦.
(٣) ٢ : سورة البقرة ٢٢٨.
(٤) أي : أعلمني زيدا قائما.
(٥) ١٥ : سورة الحجر ٥١.
(٦) زيادة يقتضيها السياق.
(٧) البيت من الطويل ، لأبي ذؤيب ، الهذلي ، في : ديوان الهذليين ١ : ٣٦ ، والكتاب ١ : ١٢١ ، والتحصيل ١١٥ ، والمغني ٢ : ٤١٦ ، واللسان (زعم) ١٢ : ٢٦٤.
وبلا نسبة في : المقتصد ١ : ٤٩٣ ، وابن عقيل ١ : ٤٢٣ ، وشفاء العليل ١ : ٣٩١.
(٨) البيت من البسيط ، نسب إلى اللعين المنقري ، واسمه منازل بن زمعة ، وصدره :
أبالأراجيز يا ابن اللؤم توعدني |
|
... |
وهو بهذه النسبة في : الكتاب ١ : ١٢٠ ، والتحصيل ١١٥ ، وابن يعيش ٧ : ٨٤ ، ٨٥ ، والتاج (رجز) ١٥ : ١٥٠ ، وفيه :
... |
|
وفي الأراجيز راس النوك ، والفشل |
والخزانة ١ : ٢٥٧ ، ولجرير في اللسان (خيل) ١١ : ٢٢٦ ، وليس هو في ديوانه.
وبلا نسبة في : أمالي المرتضى ٢ : ١٨٤.