[قلت] : اعلم أن قول القائل : إن زيدا لقائم ، أصله : لأنّ زيدا قائم. لأن (اللام) لام الابتداء ، ومرتبته قبل (إنّ). وقد جاء ذلك [في قول الشاعر] :
١١٨ ـ ... |
|
لهنّك من برق عليّ كريم (١) |
أي : لأنك. فلما أبدل من الهمزة الهاء استجاز دخول اللام عليه ، لما تغيرت الصورة. ولا أحمله على أنه : لاه ، إنك من برق. أي : والله ، إنك من برق ، كما زعمه أبو زيد ، وقواه أبو علي (٢) ، لأن فيه حذف الألف من لاه ، والهمزة من إنّ. وعلى مذهب صاحب الكتاب (٣) ، ليس فيه إلا الإبدال. وإذا ثبت رتبة اللام قبل (إنّ) واللام لام الابتداء ، وهي للتأكيد ، و (إنّ) للتأكيد ، ولم يزل بدخول (إن) على المبتدأ ، والخبر ، معنى الابتداء ، بل هو باق مع (إن) على ما كان عليه قبل (إن) ، ألا ترى أن قولك : زيد قائم ، وقولك : إن زيدا قائم ، سواء ، ولم يجز اجتماع حرفي معنى في موضع واحد. ووجب [٤٩ / أ] : تأخير اللام دون (إن) ، لأن (إن) عاملة ، واللام غير عاملة ، صح اختصاص هذه اللام ب (إن) من دون سائر الحروف. والمقصود أن لا تجتمع اللام ، وإن. فإذا حصل هذا المقصود ، وهو أن لا يوقع مع (إن) فإن شئت أدخلته على الخبر ، أو ما يقع موقع الخبر ، أو على الاسم إذا كان الخبر ظرفا مقدما على الاسم. تقول : إن زيدا لقائم ، وإن في الدار لزيدا ، وإن زيدا لطعامك آكل ، فتدخل اللام في (طعامك) لأنه واقع موقع الخبر. قال الله تعالى : (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) (٧٢) (٤) فأدخل اللام على الظرف ، لما وقع موقع الخبر ، لأن موقع الخبر بعد الاسم. ولو قلت : إن زيدا آكل لطعامك ، لم يجز ، لأن (طعامك) هاهنا جاء بعد الخبر ، بخلاف الأول ، لأن الأول وقع فيه موقع الخبر ، والخبر بعد مضمون. فاللام تدخل على الاسم ، أو الخبر ، أو ما يقع موقع الخبر. ولا تدخل على الفضلة ، ولا على الاسم ما لم يكن بين (إن) والاسم فاصل.
__________________
(١) البيت من الطويل ، لمحمد بن مسلمة ، وصدره :
إلا يا سنا برق على قلل الحمى |
|
... |
وهو بهذه النسبة في اللسان (لهن) ١٣ : ٣٩٣ ، ولرجل من بني نمير في : أمالي القالي ١ : ٢٢٠ ، والخزانة ١٠ : ٣٣٨ ، ٣٥١.
وبلا نسبة في : الخصائص ١ : ٣١٥ ، ٢ : ١٩٥ ، والجمل ١ : ٤٣٣ ، وابن يعيش ٨ : ٦٣ ، ٩ : ٢٥ ، والمغني ١ : ٢٣١.
(٢) الخزانة ١٠ : ٣٣٩ ، ونص العبارة : قال أبو زيد : قال أبو أدهم الكلابي : له ، ربي ، لا أقول ذلك ، بفتح اللام ، وكسر الهاء في الإدراج. ومعناه : والله ربي ، لا أقول ذلك.
(٣) الكتاب ٣ : ١٥٠ ، ونصه : (تقول : لهنك لرجل صدق ، فهي (إنّ) ولكنهم أبدلوا الهاء مكان الألف ، كقوله : هرقت).
(٤) ١٥ : سورة الحجر ٧٢.