ومنهم الشيخ ابن
سلمان من كفركنا ، كان عظيم القوم ، ولم يتزوج قط ، فإنّه أوّاب ، نفسه في العبادة
حتّى تفرّد بالسّيادة ، وشهد له من تقبل منه الشهادة بأنّه من أهل السعادة ، اشتهر
بأحوال وكرامات ، ولم يزل في المجاهدة حتّى مات.
ومنهم السّيدان
العظيمان خلاصة الأحباب : معتب ، وعتاب ، ولدا الشيخ سلام من كفركنا ، نشأا بها
وماتا ، وكانا من أهل العرفان ، فأمرهما شائع بين أهل هذا الشّأن ، كان أول فتح
معتب ، أنّه قام يصلّي فكشف له عن الحجّاج ، فشاهد أهل عرفة بعرفة ، وذهب مرّة إلى
الطاحون بقمح ، فتقوّى به عليه بعض الطلبة ، ولم يمكنه من الطّحن في نوبته من
الازدحام ، فطلع معتب إلى ظهر الطاحون ، ورمق بطرفه ، فوقفت الطاحون ، وتعذّر
دورانها حتّى طلبه ، وفرغ القمح من الدّلو ووضع به قمح معتب فدارت ، والشّهرة
بأحوال هذين السّيدين وما لهما من الكرامات تغني عن البسط في العبارات.
ومنهم السيد
العظيم المبرّء من الحيف محمد بن خليف ، كان من طبقة باستواء معتب ، وعتاب قال
الأكابر : ابن خليف من أحسنهم اعتقادا ، وأكثرهم اجتهادا ، وله كرامات مشهورة ،
وأحوال معروفة ، ومن كرامات الشيخ خليف أنّه أقام أربعين سنة لم يطلع الفجر إلّا
وهو على طهارة ، وكان كثير الاجتهاد في العبادة والورع والزّهادة.
ومنهم الشيخ
الكبير الشّأن صاحب اللسان في العرفان الحاج موسى ابن عبد الرحمن ، كان من طبقة
الجماعة المتقدّمين بل أكثر منهم في الورع والدّين ، وذكر أنّ الشيخ فرج لمّا كان
مسلوبا ، ما كان يقبل عليه ، فلمّا عاد إليه حاله وفتح عليه جاء إلى زيارته الحاج
موسى بن عبد الرحمن ، فبمجرد إقباله أظهر له البشر ورحّب به من بعيد وقال : هذا
باب الفقير ففهم الشيخ فرج أنّه فهم عود حاله إليه ، وأنّ له اطّلاعا على الأسرار
والبواطن ذو المهابة والأنوار.