يذكر المتكلّّم شيئاً عاماً ثم يخصّ بعض أفراده بالذكر ثانياً إما لزيادة بغيه وفجوره كما قلنا في ابن زياد ، وإما للتنبيه على فضله وشرفه كقوله تعالى : (مَنْ كَانَ عَدُوّاً للِّهِ وَملَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ) (١) ، فاعاد سبحانه ذكر جبرئيل وميكائيل بعد ذكر الملائكة تنبيهاً على فضلهما ، وكذا قوله تعالى : (فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) (٢) ، وإنّما عطف النخل والرمّان على الفاكهة وإن كانا منها بياناً لفضلهما كأنّهما لمزيّتهما في الفضل جنسان آخران» (٣) ، انتهى.
ولا يذهب عليك أنّ ما ذكره الكفعمي من كون الأمر من باب ذكر الخاصّ بعد العام مبني على كون ابن مرجانة معطوفاً على ابن زياد بملاحظة تعدّد أبناء زياد وعموم ابن زياد لهم وانحصار ابن مرجانة في عبيد الله ، وإلّا فمفهوم ابن زياد له جهة اختصاص من حيث التقييد بزياد وجهة عموم لكونه أعمّ من ابن مرجانة وغيره ، ويتأتى نظيره في ابن مرجانة فبين المفهومين عموم وخصوص من وجه ، لكن يمكن أن يكون ابن مرجانة معطوفاً على ابن زياد كما هو مقتضى سوق عطف عمر بن سعد على عبيد الله وكذا عطف آل مروان وآل زياد على عبيد الله بناءً على كون كلّ من المعطوف في المعطوف المتعدّد معطوفاً على المعطوف عليه الأوّل ، كما حكاه شيخنا البهائي في بعض كلماته عن محقّقي النحاة لا كون المعطوف الأوّل معطوفاً على ما عطف عليه والمعطوف الثاني معطوفاً على المعطوف الأوّل وهكذا.
وأما فقرات دعاء الوداع فنقول :
قوله : «وَيا مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إِلَيَّ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ».
__________________
(١) البقرة ٢: ٩٨.
(٢) الرحمن ٥٥: ٦٨.
(٣) مصباح الكفعمي : ٢: ٥٦٧.