إلّا أن يقال : أنّ الكلّ المعلّق عليه الحكم ربّما ينصرف إلى بعض الأجزاء ، كما أنّ الكلّي عليه الحكم ربما ينصرف إلى بعض الأفراد ، كيف وقد شاع وذاع أن المطلق ينصرف إلى الفرد الشائع ، بل كثيراً ما ينصرف المطلق إلى بعض الأفراد من غير جهة الشيوع ، ويأتي مزيد الكلام في هذا الباب ، فلا بأس بانصراف السّلام المومي إليه إلى السّلام الطويل.
لكنّه مدفوع : بأنّه إنّما يتم لو لم يكن تعلق الحكم في مقام بيان تشريع حكم الكل مع فرض انحصار دليل التشريع وإلّا فلا مجال للانصراف ، إذ لو انصرف الكل إلى بعض الأجزاء فلا دليل على تشريع الباقي ، ويبقى الباقي بدون دليل على التشريع ، والمفروض تشريع تمام الأجزاء ، والأمر في المقام من هذا القبيل.
إلّا أن يقال : إنّه يمكن أن يكون تشريع الباقي من الأجزاء ثابتاً بالإجماع لا يشمول الكل ، ولا بأس به ، وهذا نظير أنه لو ثبت اطراد حكم المطلق في بعض الأفراد النّادرة ، بناء على انصراف المطلق إلى الفرد الشائع ، فاطّراد الحكم لا يكشف عن شمول المطلق لجميع الأفراد بكون المراد بالمطلق هو الأعم من تلك النوادر ، فيرتفع ظهوره في الفرد الشائع ويصير ظاهراً في الأعم وأنّه لو كان اللّفظ موضوعاً لمعنى وثبت الحكم المتعلق بذلك اللّفظ في معنى آخر بالاجماع مع إمكان التجوّز باللّفظ عن المعني الأعم من المعنيين ، فهذا لا يصير قرينة على المجازية بكون اللّفظ مستعملاً في الأعم ، كما في قوله سبحانه : (فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ) (١) ، حيث إنّ الإخوة حقيقة فيما فوق الاثنين ، بناء على كون أقل الجمع ثلاثة ، كما هو المشهور المنصور ، والحكم المذكور أعني الحجب ثابت في الأخوين بالاجماع ، وإمكان استعمال الإخوة فيما فوق الواحد مجازاً لا يمانع عن الاستعمال فيما فوق الاثنين حقيقة وإن اطراد الحكم المطرّد في غير مورد العلّة بناء على عدم اعتبار
__________________
(١) النساء ٤: ١١.