__________________
وهي مدينة صغيرة تقع على مقربة من مراكش عاصمة دولة المرابطين ، وكان قد سبق المعتمد إلى هذا المنفى «عبد الله بن بلكين» أمير غرناطة.
وفي أغمات عاش المعتمد كاسف البال ، كسير القلب ، يعامل معاملة سيئة ، ويتجرع مرّ الهوان ، ليس بجانبه من يخفف عنه مأساته ، ويطارحه الحديث ؛ فتأنس نفسه وتهدأ. ينظر إلى بناته الأقمار ؛ فيشقيه أنهن يغزلن ليحصلن على القوت ، ولكنه كان يتجلد ويتذرع بالصبر ، ويلجأ إلى شعره ، فينفس عن نفسه بقصائد مشجية مؤثرة. تدخل عليه بناته السجن في يوم عيد ، فلما رآهن في ثياب رثة ، تبدو عليهن آثار الفقر والفاقة ؛ انسابت قريحته بشعر شجي حزين :
فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا
فساءك العيد في أغمات مأسورا
ترى بناتك في الأطمار جائعة
يغزلن للناس لا يملكن قطميرا
برزن نحوك للتسليم خاشعة
أبصارهنّ حسيرات مكاسيرا
يطأن في الطين والأقدام حافية
كأنها لم تطأ مسكا وكافورا
واشتدت وطأة الأسر على اعتماد الرميكية زوجة المعتمد ، ولم تقو طويلا على مغالبة المحنة ؛ فتوفيت قبل زوجها ، ودفنت بأغمات على مقربة من سجن زوجها.