رجع منهم جماعة إلى بيلول ووقفلوا بالساحل والباقين طلعوا إلى المجاهد فقاتلوا معه الإفرنج فنصرهم الله ، والأروام يطمعون على المجاهد وانتدبوا له جماعة مفادين (١) ودخلوا عليه خيمته ، وقالوا : نبغي هذه الساعة عشرة آلاف أوقيه ذهب وإلا قتلك فأجابهم بأحسن جواب وأعلم أصحابه بذلك ثم فعلوا آخرين كذلك ، فلما عرف حالهم وقدر الله سبحانه النصر على الإفرنج حتى أبادهم إلّا نحو خمسين شردوا هم وملك الحبشة ، فجهز المجاهد الأروام بلطافة وحسن تدبير وأعطاهم ألفين أوقيه ذهب وأرسل للقرى الذين يمرون عليهم أن ينتقلوا منها لا يقع منهم شيء عليهم ، وأعطاهم الزاد والدّليل حتى خرجوا إلى ساحل بيلول وسافروا إلى زبيد ، وأما الإفرنج فأمدّوا أصحابهم الذين بالحبشة بخمسة غربان شاحنة افرنج فلما دخلوا باب المندب علموا الأروام ، وفي بند عدن تسعة غربا أروام ، وكان ذلك حال وصولهم من بندر السويس تجريده مستقلة أميرها رجل عربي ، وصيّتوا (٢) لمّا وصلوا عدن أنهم على رأي السلطان بدر وإنهم ما مورين بخراب المشقاص ، فلما علموا بالخمسة الأغربة الإفرنجي صروا إليها فتشاوفوا (٣) بباب المندب ، فدخلت غربان الإفرنج الباب ، فدخلوا بعدهم فدخل الليل على الجميع فتفرقوا ، فالأروام اجتمعوا ودخلوا المخا والإفرنج خرجوا منهم أربعة غربان ورجعوا ، وواحد غلّق (٤) إلى قريب جده فاتفق بغراب فيه أموال وخلق من الأروام وغيرهم حجاج ، وذلك في شهر ذي القعدة من السنة المذكورة ، فقتلهم (٥) عبد من عبيد السلطان سليمان ورجع إلى الهند ولم يتصلوا بأهل الحبشة بسبب الفزع من
__________________
(١) في (ح) منادين.
(٢) كذا وكأنه نادوا «صوتوا».
(٣) تشاوفوا : رأى بعضهم بعضا.
(٤) غلق بالتشديد للكثرة والبالغة : من عبارات البحارة في ذلك الوقت وهي بمعنى اللفظة العامية المستعملة بمعنى اكتمل أو انتهى وهنا كأنه وصل إلى آخر طريقه في البحر.
(٥) كذا في الأصل وسيأتي استشكال المؤلف لهذه اللفظة من عبارة المؤرخ ابن سنجلة.