يوم الجمعة تاسع رمضان سنة خمس وثلاثين وثمانمائة بالقاهرة ، وأمه أم ولد جركسية ، نشأ فحفظ القرآن والأربعين للنووي والشاطبية ، ومختصر القدّوري ، وألفية بن مالك وغيرها ، وعرض على أئمة عصره كالشهاب بن حجر ، والعلم البلقيني والعلمان القلقشندي والولي سعد الدين بن الديري ، وابن الهمام وجماعة آخرين ، وكتبوا كلهم له ، وسمع صحيح مسلم أو أكثره على الزين الزركشي ، وتلا القرآن العظيم على بعضهم وجوّده ، وقرأ الصحيحين على الشّهاب أحمد بن محمد بن صالح الحنفي الحلبي ابن العطار ، وحضر دروسه بل حضر درس الكمال ابن الهمام ، ولازم التّقي الحصني ، وكذا التقي الشمني والكافياجي ، وعظم وكثر اختصاصه بهم ، ومما أخذ عن الشمني التفسير ، وعلوم الحديث والفقه والأصلين والعربية والمعاني والبيان والمنطق ، وغيرهما ودخل معهم وأذنوا له في إقرائها ، ولما سافر قايتباي في أيام إمارته قبل أن يصير (١) إليه الملك إلى بعض البلاد استصحبه إماما ، ولم يلبث إلى أن ارتقى إلى الملك فقربه وأدناه وأحّبه ، فبلّغه مناه واختص به ممن عداه ، وخوله مزيد النعم وشمله فيما يلتمسه بنعم ، وأعطاه قراءة البخاري بالقلعة ، وولّاه تدريس أماكن متعدّدة ومشيخة الصوفية وخطابة بعض المدارس ، ورتب له في كل يوم دينار ، وصنّف وأفتى وحدّث وروى ونظم ونثر ونقب وتعقب ، وخطب ووعظ ، ومن تصانيفه في الفقه فتاوى مبوّبة في مجلدين وحاشية على توضيح ابن هشام ، هذا كله مع الفصاحة والبلاغة ، وحسن العبارة وجودة الخط وحسن العشرة والظرف ، والميل إلى النادرة ، واللّطف ومزيد الذكاء والتفنن وسرعة البديهة رحمهالله.
وفيها (٢) ليلة الثلاثاء عاشر جمادى الأولى : توفي الشيخ العالم الفاضل الجمال أبو الفتح إبراهيم بن علي بن أحمد بن إسمعيل بن
__________________
(١) الأصل : يصل.
(٢) النور السافر : ١٠٣. وانظر : الكواكب السائرة ١ : ١٠٨ والضوء اللامع ١ : ٧٧ وشذرات الذهب ٨ : ١٠٤ والأعلام ١ : ٥٣.