أهل المدينة ، لأنّ عيسى بن موسى يتفقدهم ، ويعطيهم الأموال ، وجاء أبو الشدائد الفزاري ذات يوم ، فأنشد شعرا وهو بالمصلّى فقال (١) :
عصابة إذا حجّ عيسى حجّوا |
|
وإن أقام بالعراق رجوا |
قد لعقوا لعيقة فلّجوا |
|
فالقوم قوم حجهم معوج |
ما هكذا كان يكون الحجّ |
فقيل له : لماذا تهجو حجّاج بيت الله الحرام؟ فقال :
إنّي وربّ الكعبة المبنية |
|
والله ما هجوت من ذي نية |
ولا امرئ ذي رعة نقية |
|
لكنني أرعى على البرية |
من عصبة أغلوا على الرعية |
|
بغير أخلاق لهم سرية |
وكان عبد الله بن شبرمة (٢) ، ومحمّد بن عبد الله بن أبي ليلى (٣) ، يسمران كلّ ليلة عند عيسى بن موسى ، فإذا جاءا وقفا على الباب حتّى يؤذن لهما ، وأحيانا يخرج اليهما (عياض) (٤) فيقول لهما : انصرفا. فقال ابن شبرمة ذات يوم عند ما رجعا (٥) :
إذا نحن أعتمنا وطال بنا الكرى |
|
أتانا بإحدى الراحتين عياض |
ودخل الفقيه (سفيان الثوري) ذات يوم على الخليفة (المهدي) فكلّمه بكلام فيه غلظه ، فقال له عيسى بن موسى : أتكلّم أمير المؤمنين بمثل هذا الكلام؟ وما أنت إلّا رجل من ثور.
فقال له سفيان : (إنّ من أطاع الله من ثور ، خير ممّن عصى الله من
__________________
(١) أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج ١٦ / ٢٤٣.
(٢) عبد الله بن شبرمة : أحد فقهاء الكوفة ، قليل الحديث ، شاعر ، وعيّن قاضيا للكوفة.
(٣) محمّد بن عبد الله : أحد قضاة الكوفة لبني أميّة ، ولبني العبّاس أيضا.
(٤) عياض : حاجب عيسى بن موسى.
(٥) ابن سعد ـ الطبقات. ج ٦ / ٣٥١.