ابن برهان (١) ، وسمع من أبي القاسم بن الحصين (٢) ، وأبي البركات بن البخاري (٣) ، وإسماعيل بن أبي صالح المؤذن (٤) ، ودرس النحو على علي بن دبيس ، وأبي دلف ، وسمع قديما في سنة ثمان وخمسمائة من أبي الحسن بن طوق ، ورجع إلى بلده بعلم كثير ، ودرّس بالموصل في سنة ثلاث وعشرين ، ثم أقام بسنجار مدة ، وولي قضاء سنجار ونصيبين وحران وغيرها ، ودخل حلب في سنة خمس وأربعين ، فأقبل عليه صاحبها السلطان نور الدين ، فلم أخذ دمشق سنة تسع وأربعين قدم معه درس بالغزالية ، وولي نظر الأوقاف ، ثم ارتحل إلى حلب ، وولي قضاء سنجار وحران وديار بكر ، وتفقه عليه جماعة ، ومن أكبر تلامذته فيه الفخر بن عساكر ، ثم عاد إلى دمشق في سنة سبعين فولي القضاء سنة ثلاث وسبعين بعد أن استعفى ضياء الدين ابن أخي القاضي كمال الدين الشهرزوري ، وأضر قبل وفاته بعشر سنين ، ففوّض السلطان القضاء إلى ابنه أبي حامد ، وأقام معظما بداره إلى أن توفي. وقد صنف التصانيف وانتفع به خلق كثير ، وانتهت إليه رياسة المذهب. قال ابن الصلاح : وكان من أفقه أهل عصره ، وإليه المنتهى في الفتاوى والأحكام ، توفي في شهر رمضان وقد بلغ ثلاثا وتسعين سنة ، ودفن بمدرسته قبالة داره ، وقد بنى له نور الدين المدارس بحلب وحماة وحمص وبعلبك ، وبنى لنفسه مدرسة بحلب وأخرى بدمشق. روي عنه أبو القاسم بن صصري ، وأبو نصر ابن الشيرازي ، وأبو محمد ابن قدامة وخلق آخرهم مولانا العماد أبو بكر بن عبد الله بن النحاس ، ومن تصانيفه : (صفوة المذهب من نهاية المطلب) في سبع مجلدات ، وكتاب (الانتصار) في أربع مجلدات ، وكتاب (المرشد) في مجلدين ، وكتاب (الذريعة في معرفة الشريعة) ، وكتاب (التيسير في الخلاف) أربعة أجزاء ، وكتاب (مأخذ النظر) ، ومختصرا في الفرائض ، وكتاب (إرشاد المغرب في نصرة المذهب) ولم يتم ، وذهب فيما نهب له بحلب ، وكتاب (التنبيه
__________________
(١) شذرات الذهب ٤ : ٧٧.
(٢) شذرات الذهب ٤ : ٦٠.
(٣) شذرات الذهب ٤ : ٩٩.
(٤) شذرات الذهب ٤ : ٢٨٧.