قال الشيخ تقي الدين الأسدي : وبلغني أن الشيخ شهاب الدين الزهري قال : ما جاءنا من طلبة مصر أفضل منه ، ولزم الشيخ شهاب الدين المذكور ، وقرأ عليه نصف المختصر ، وقرأ النصف الآخر شهاب الدين الغزي (١) وأذن لهما بالإفتاء لما ختما الكتاب في سنة إحدى وتسعين مع ولديه ، وشيخهما شهاب الدين بن نشوان (٢) كما تقدم ، وعمل الشيخ محيي الدين معادا بالجامع قبل الفتنة بشيء يسير ، وازدحم الناس عليه ، فلما وقفت الفتنة افتقر واحتاج أن يقيم بقرية في البرّ ، فذهب إلى خربة روحا فأقام بها مدة ، ثم سافر إلى مصر فلم يحصل له بها شيء ، فعاد ودخل في المواعيد ، فأقبل عليه الناس لعلمه وفصاحته ، وانتفع به جماعة من العوام ، وقرأ صحيح البخاري للأمير نوروز مرتين ، واستنابه القاضي شهاب الدين بن حجي في سنة إحدى عشرة ، وباشر لمن بعده من القضاة ولم يجد في ذلك ، وكان في بصره ضعف ، ثم إنه تزايد إلى أن أضرّ قبل الثلاثين وثمانمائة وهو مستمر على مباشرة نيابة القضاء وربما أخذ بيده وعلم ، وكان يكتب عنه في الفتوى ويكتب هو اسمه ، ودرّس بهذه المدرسة ، وناب في تدريس الشامية البرانية مرتين ، وكان فصيحا ذكيا فاضلا في فنون جمة ، جيد الذهن ، حسن الظاهر والباطن ، لين العريكة ، سهل الانقياد ، قليل الحسد والغيبة ، وعنده مروءة وعصبية ، وفي أواخر عمره بعد موت رفقته دخل الجامع واشتغل وأقرأ التنبيه والمنهاج والحاوي كل واحد في مدة أشهر ، لكن من غير مطالعة ولا تحرير بل يجري على الظاهر. توفي يوم السبت سابع عشر صفر سنة أربعين وثمانمائة ، ودفن بمقبرة باب الصغير شمالي قبر سيدي بلال رضي الله تعالى عنه قبلي الطريق. قال البرزالي : والقباب المنسوب إليها قرية من قرى أشموم الرمان من الوجه البحري بجزيرة اليشموم المتصلة بثغر دمياط ، وكان والده خطيب القرية المذكورة ، وقباب قرية بالعراق بقرب بعقوبا ، وقباب محلة بنيسابور ، وكان تدريسه لهذه المدرسة في شوال سنة ثمان عشرة وثمانمائة في يوم الأربعاء سلخه ، وحضر عنده قاضي
__________________
(١) شذرات الذهب ٧ : ١٥٣.
(٢) شذرات الذهب ٧ : ١٣٥.