لحرفة كأهل الكلام ، وأهل النحو ، لأن الدخول في جملة أهل البلد لا يتوقف على أمر متكلف يضبط أهلها ، ولأن الغالب انتشار عرفهم في الكثير المتقارب لعموم أهل البلدان. وأما نسبة المجاز إلى ما ذكر من الشرع واللغة والعرف عاما وخاصة فتكون باعتبار الاصطلاح المنسوب إليه الشخص المستعمل في غيره ؛ بمعنى أن مستعمل اللفظ إن استعمله في غير ما اصطلح هو أو مقلده على وضعه له : فإن كان ذلك المستعمل في غير اصطلاحه لغويا فالمجاز لغوي ، أو كان شرعيا فالمجاز شرعي ، أو كان من أهل العرف العام فالمجاز عرفي عام ، أو كان من أهل العرف الخاص فالمجاز عرفي خاص. وإن شئت قلت : النسبة فيه باعتبار العلاقة ؛ فإن كان اللفظ باعتبار المعنى الذي نقل عنه إلى هذا لعلاقة ولولاها حينئذ لم يصح إطلاقه لغويا فالمجاز لغوي ، وإن كان شرعيا فشرعي ، أو عرفيا فعرفي خاص ، أو عام.
ثم أشار إلى مثال الحقيقة والمجاز لكل نوع ، وبدأ بمثالهما لغويين ، ثم الشرعيين ، ثم العرفيين خاصين وعامين بقوله : (كأسد) فإنه وضع (للسبع) وهو الحيوان المعروف لغة فهو حقيقة لغوية (و) هو بالنسبة (للرجل الشجاع) مجاز لغوي للعلاقة بينه وبين المعنى الأول ، (و) ك (صلاة) فإنه لفظ وضع (للعبادة) المخصوصة شرعا فهو حقيقة شرعية فيها (و) هو بالنسبة إلى (الدعاء) حيث يستعمل فيه للعلاقة بينه وبين العبادة مجاز شرعي ، (و) ك (فعل) فإنه وضع في عرف النحويين (للفظ) مخصوص وهو ما دل على أحد الأزمنة الثلاثة وحدث وقع أو يقع أو مطلوب الوقوع فيه ، فهو حقيقة عرفية خاصة في ذلك (و) هو بالنسبة (للحدث) الذي هو وصف قائم بالموصوف صادر منه كالضرب أو غير صادر كالحمرة مجاز عرفي خاص حيث يستعمل فيه لعلاقة بينه وبين المعنى الذي وضع له في النحو (و) ك (دابة) فإنه في العرف العام (لذي الأربع) كالحمار فهو حقيقة عرفية عامة فيه (و) هو بالنسبة (للإنسان) مجاز عرفي عام حيث يستعمل فيه لعلاقة بينه وبين ما وضع له في العرف العام. والعلاقة بين السبع والشجاع المشابهة ، وبين العبادة المخصوصة والدعاء اشتمالها عليه ، وبين اللفظ المخصوص والحدث دلالته عليه مع الزمان ، وبين الإنسان وذوات الأربع مشابهته لها في قلة التمييز