قال عبدالله بن أحمد :
« سمعت أبي يقول : كان ابن أبي ذئب ومالك يحضران عند الأمراء فيتكلم ابن أبي ذئب يأمرهم وينهاهم ومالك ساكت. قال أبي : ابن أبي ذئب خير من مالك وأفضل » (١).
أقول : فهو في هذه الحالة مثل شيخه الزهري ، فيتوجه إليه ما ذكره الإمام السجاد عليهالسلام في كتابه إلى الزهري (٢).
٦ ـ حمل الحكومة الناس على الموطأ وفتاوى مالك :
وكان من الطبيعي أيضاً أن يقابل من قبل الحكام بالمثل :
فقد قال له المنصور اجعل هذا العلم علماً واحداً ... ضع الناس كتاباً أحملهم عليه ... نضرب عليه عامّتهم بالسيف ، ونقطع عليه ظهورهم بالسياط ... (٣).
وقال له : لئن بقيت لأكتبن قولك كما تكتب المصاحف ، ولأبعثن به إلى الآفاق فأحملهم عليه ... (٤) أن يعملوا بما فيها ولا يتعدّوه إلى غيرها (٥).
ولما أراد الرشيد الشخوص إلى العراق قال لمالك : ينبغي أن تخرج معي ، فإني عزمت أن احمل الناس على الموطّأ كما حمل عثمان الناس على القرآن (٦).
ثم اراد هارون أن يعلّق الموطّأ على الكعبة! (٧).
ونادى منادي الحكومة : « ألا لا يفتي الناس إلاّ مالك بن أنس » (٨).
__________________
(١) العلل ومعرفة الرجال ١ / ١٧٩.
(٢) لاحظ ترجمة الزهري في بحثنا المنشور في « تراثنا » العدد ٢٣.
(٣) الديباج المذهّب : ٢٥. شرح الزرقاني ١ / ٨ ، الوافي بالوفيات ـ ترجمته.
(٤) تذكرة الحفاظ ١ / ٢٩٠.
(٥) كشف الظنون ٢ / ١٩٠٨ ، عن طبقات ابن سعد.
(٦) مفتاح السعادة ٢ / ٨٧.
(٧) كشف الظنون ٢ / ١٩٠٨.
(٨) وفيات الأعيان ٣ / ٢٨٤ مفتاح السعادة ٢ / ٨٧ ، مرآة الجنان ١ / ٣٧٥.