الإسراء. وفى قول جبريل أيضا أبمحمد تستصعب فما ركبك أكرم على الله منه ، دليل على اختصاصه صلىاللهعليهوسلم بركوبه ، وإنما كان جبريل هاهنا معه رسول بلاغ ودليل طريق ومستدعى حبيب. وقوله صلىاللهعليهوسلم : ما زلت على ظهره أنا وجبريل ، يحمل قوله : وجبريل على أنه استئناف كلام كأنه قال وجبريل سائر معى ونحوه ولا يريد راكبا معى على البراق ، لأنه ليس فى الكلام ما يعين ذلك.
الفائدة الحادية عشرة : دل قوله صلىاللهعليهوسلم : فصليت ببيت المقدس ركعتين ، على أن الصلاة لم تزل معهودة قبل أن تفرض ومعدودة مثنى مثنى ، وفرضت كذلك على ما عهدت كما قالت عائشة رضى الله عنها : فرضت الصلاة ركعتين ركعتين ، فأقرت صلاة السفر وزيد صلاة الحضر.
الثانية عشرة : إن قيل ما الحكمة فى نزول جبريل عليهالسلام من سقف البيت ولم يدخل عليه من الباب مع قوله (وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها؟) الجواب : أن الحكمة فى ذلك المبالغة فى المفاجأة والتنبيه على الكرامة والاستدعاء كان بديها على غير ميعاد.
الثالثة عشرة : يحتمل أن يكون فرج السقف توطئة وتمهيدا للفرج عن الصدر ، فأراه جبريل بإخراجه عن السقف ثم التئامه على الفور كيفية ما يصنع به ، وقرب له الأمر فى نفسه بالمثال المشاهد فى بيته لطفا فى حقه وتثبيتا لقلبه.
الرابعة عشرة : السر فى العناية بتطهير القلب وإفراغ الإيمان والحكمة فيه تحقق مذهب أهل السنة فى أن محل العقل ونحوه من أسباب الإدراكات كالنظر والفكر ، إنما هو القلب لا الدماغ خلافا للمعتزلة والفلاسفة.
الخامسة عشرة : إنما خص الطست بالغسل فيه دون بقية الأوانى لأنه آلة للغسل عرفا ، وإنما كان من ذهب لأنه أعلى أوانى الجنة ولأنه رأس الأثمان فهو إذا أصل الدنيا والإيمان أصل الدين ، فوقع التنبيه على أن أصل الدنيا آلة لأصل الدين وخادم له ووسيلة إليه.
السادسة عشرة : استدل بعض أصحاب مالك على جواز تحلية ما يعظم شرعا بالذهب كالمصحف أو ما هو آلة لطاعة كالسيف الذى هو آلة للجهاد بحديث الإسراء واستعماله طست الذهب.