السلام : أبمحمد تستصعب؟ فما ركبك أحد أكرم على الله منه فارفض عرقا. (وفى بعض الطرق) أنه رأى المعراج بصورة السلم كأحسن ما رأى. (وفى طريق) فانتهيت إلى سدرة المنتهى فغشيها ملائكة كأنهم جراد من ذهب فرأيت جبريل يتضاءل كالصعوة فتخلف وقال: وما منا إلا له مقام معلوم ، فجاوزت سبعين حجابا ، ثم احتملنى الرفرف إلى العرش فنوديت حى ربك ، فقلت : سبحانك لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك إلى آخر ما هو مستوفى فى محله ، كإنكار قريش الإسراء ، واستيصافهم بيت المقدس من النبىصلىاللهعليهوسلم فرفعه الله له فوصفه وذكر لهم قضية لقيه العبر قاصدين مكة وشربه ما كان فى القدح من الماء إلى غير ذلك فكان كل ذلك حقا وصدقا كما قال تعالى (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) صلىاللهعليهوسلم وشرف وكرم والله أعلم.
فوائد : تتعلق بحديث الاسراء وفواضله وأسراره وفضائله :
الأولى : يؤخذ من قوله تعالى (أَسْرى بِعَبْدِهِ) ما لا يؤخذ أن لو قيل بعث إلى عبده ، لأن الباء تفيد المصاحبة أى صحبه فى سراه بالألطاف والعناية ويشهد لذلك قولهصلىاللهعليهوسلم : أنت الصاحب فى السفر ، ويبنى على هذا من الفروع الفقهية أن من قال : لله على أن أحج بفلان يلزمه أن يحج معه ، بخلاف ما لو قال : لله على أن أحج فلانا فإنما يلزمه أن يجهزه للحج من ماله ، ولا يلزم الناذر أن يحج بنفسه ، والفرق ما تعطيه الباء من المصاحبة.
الثانية : تخصيص الإسراء بالليل فيه من التعظيم ما لا يخفى لأنه وقت خلوة واختصاص عرفا. وبين جليس الملك ليلا وجليسه نهارا فرق ظاهر والخصوصية بالليل.
الثالثة : لعل تخصيص ذلك بالليل ليزداد الذين آمنوا إيمانا بالغيب وليفتتن بالذين كفروا زيادة على فتنتهم ، إذ الليل أخفى حالا من النهار ولعله لو عرج به نهار لفات المؤمن فضيلة الإيمان بالغيب ولم يحصل ما قدر من الفتنة على من شقى وجحد.
الرابعة : إن قيل ما وجه استصعاب البراق عليه صلىاللهعليهوسلم بعد التسخير؟ أجيب بأن ذلك تنبيه على أنه لم يدلل قبل ذلك ولم يركبه أحد. وفى هذه النكتة خلاف ، فمنهم من قال : ركبه الأنبياء قبل ذلك ومنهم من قال : لم يركبه أحد قبله. وحجة القائلين بركوبه قبل ذلك قول جبريل : فما ركبك أحد أكرم على الله منه ، ويمكن الاحتجاج أيضا بقوله فربطته