وعاد المكرم بعد ذلك إلى زبيد. وفي يوم السبت غرة شوال صلى بالناس العيد وخطبهم خطبة أفاض فيها بالدعاء لأبيه. [عيون : ٧ / ١١٣].
ومما قاله : «اللهم وتغمد بغفرانك ورحمتك ورضوانك عبد أمير المؤمنين وداعيه الأجل الأوحد ، واجزه أفضل ما جزيت داعيا عمن دعاه ، اللهم وأوزعنا شكر ما أنعمت به علينا من توحدك لنا بإدراك ثأره من الظالمين ، والإدالة به من أعدائه الفاسقين ، حتى صاروا بأسيافنا حصيدا خامدين. فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين» [نفسه].
ولما ترك زبيد وصل الهجر في يوم ٢٨ شوال سنة ٤٦١ فولى عليها عليا ومحمدا ابني مالك بن شهاب الصليحي ، ثم تركها حتى وصل إلى الساعد وفيها وصلته السجلات المستنصرية تتضمن تشريفات وزيادة في الألقاب فقرأها على الناس. كما جاءته الشعراء مهنئين بالنصر ؛ ومنهم الشاعر أحمد بن علي التهامي الذي قال قصيدة مطلعها :
نفضت غبار العار عن ثوب يعرب |
|
وقد سحبت أعطافه كل مسحب |
[عيون : ٧ / ١١٤ ـ ١١٥ ؛ الصليحيون : ١٣٢ ـ ١٣٤].
ثم ترك الساعد إلى المهجم ونقل جثتي والده وعمه في تابوتين إلى صنعاء فقبرهما يماني الجبانة وأمر ببناء مشهد جامع لهما. [نفسه : ٧ / ١١٦].
وكتب بعض الشعراء على قبر الصليحي أشعارا منها :
في القبر ليث وبحر زاخر وجدى |
|
جود وطود وضرغام وصمصام |
فاعجب بأن ضم هذا كله جدث |
|
بدا له في قلوب الناس إعظام |
وبعد دفن الجثتين جلس في مسجد كان بناه أبوه وأخذ الشعراء ينشدونه قصائدهم ، ومن بينهم عمرو بن يحيى الهيثمي حيث قال : [عيون : ٧ / ١١٧ ؛ الصليحيون : ١٣٥].