المنوره ، وقبة
المسجد النبوى ، الشريف. وكانت صحراء المدينة المنورة تضاء من حين لآخر بومضات
نورانية مباركة. وما أن رأى الجمع ذلك ، حتى ولّوا وجوههم شطر المدينة ، سواء
أكانوا راجلين ، أو ممتطين صهوة دوابهم ، وأخذوا يرددون «الصلاة والسلام عليك يا
رسول الله». والطريف أنه ما أن رأى الحجيج قبة المسجد النبوى ـ على ساكنه أفضل
الصلاة والسلام ـ من أعلى ، وما أن بدأوا جميعا فى التهليل ، والتكبير ، والدعاء
حتى بدأت البعير فى البعبعة ، والهدير ، والخيول فى الصهيل ، والبغال ، والحمير فى
النهيق ، حتى أنه لم يعد بالإمكان السيطرة عليها بسهولة ، بعد ما كانت فيه من
الإنهاك ، والتعب ، فأخذت تسرع الخطى ، بل وتهرول نحو المدينة. وقد بدأ بعض الحجاج
يحرمون من هذا الموقع.
أطوار أهل المدينة
:
ما أن تراءت
المدينة المنورة ، حتى تحولت الصحراء إلى خضم بشرى ، ومحيط آدمى ، وهب جميع سكان
المدينة المنورة ، الطاهرة ؛ من رجال ، ونساء ، وذكور ، وإناث ، كبير ، وصغير ،
إلى إستقبال الموكب والترحيب به ، وكان الأطفال يقدمون أكياس التمور ، إلى الحجاج
، وهم يرحبون قائلين «حمدا لله على السلامة يا حاج .. زيارة مقبولة .. وحج مبرور»
وكان الحجاج يردون عليهم شاكرين لهم قائلين «شكرا لله .. لقد قدمنا إلى آعتاب
سيدنا ، ونبينا ، الذى هو رحمة للعالمين».
أما الفتيات ؛ فقد
كن ينشدن الآغانى ، والقصائد ، والأناشيد الدينية ، وهن فى صحبة الحجاج ، حتى
الدخول إلى أبواب المدينة نفسها ، وقد استغرقت هذه الرحلة خمس ساعات.
إطراء جند صارى
حسين باشا :
لقد دخلت كتيبة
حسين باشا ، إلى المدينة ، تحف بها أطياف الجلال ، والفخار ، مرفوعة الهامة ،
ناصعة الجبين ، وأضحت ملحمة على كل لسان ، حيث لم يسبق لمن سبقوه مثل ؛ سنان باشا ورضوان باشا ، وطاوشان سليمان باشا ، أن
__________________