بسبه سنة ١٩١٠ ه ـ ١٨٩٢ م ، فحضر جنازته السلطان مولاي الحسن وأعيان الدولة والقضاء والعلماء ودفن بزاوية الشيخ عبد القادر الجيلالي (١).
وقد ساهم هذا النسب بدور كبير في تشكيل ملامح شخصيته وتحديد مسار حياته ، فلم يسلك مسلك البسطاء من سائر أبناء حسان والزوايا ، ولم يخض فيما كان يشغلهم من هموم ومشاغل عابرة ، بل اتبع نهج أسلافه في الحياة ، واقتفى أثرهم في العلم والاستقامة ، فكانت حياته مجمعا للمثل وسجلا حافلا بالعطاءات.
المحطة الثانية ، تتصل بتربيته وتعليمه ، فقد تلقى تربية متكاملة تقوم على الجمع بين علوم الظاهر والباطن ، وتولى تربيته مجموعة من علماء السمارة ، فأخذ مبادئ الفقه والعربية على يد أمه العالي ، والتصوف وعلم الحديث والكلام على يد جده الشيخ ماء العينين ، والقرآن على يد الفقيه زين ، والأدب على يد خاليه الشيخ النّعمة والشيخ أحمد الهيبة ، والنحو على يد الشيخ محمد بن سيدين وعلم الأصول على يد الشيخ محمد العاقب بن مايا با الجكني.
وترتبط بتعليمه الأولي حكاية مثيرة يتداولها أبناؤه وكثير من العارفين بأحواله ، فبعد أن آنست منه أسرته القدرة على التحصيل ، بادرت بإرساله إلى العلامة ابن انبالة ، أحد أساتذة مدرسة السمارة ، لكن هذا المربي ما كاد يستأنس به ويطمئن إليه حتى أرجعه إلى بيته يائسا من تعليمه ، فارتاعت أمه لهذا الأمر وثارت ثائرتها ، وأسرعت به إلى والدها الشيخ ماء العينين ، ودخلت عليه ، وهو في مجلسه ورمت به إليه ، «وكلها أمل في أن يكون الولد في المستوى الذي تريده له (٢)». فما كان من والدها إلا أن طمأنها وهدأ من روعها قائلا : دعيه هنا ، فسترين ما يسرك ، وكلفها بالسهر على تكوينه ، فكان ما كان من نبوغه وانقداح عين بصيرته (٣).
وكان الشيخ ماء العينين يوليه عناية خاصة و «يرجو من الله أن يجعله له مثل أبيه
__________________
(٩) الرحلة المعينية ، و. ٥٧ ـ ٥٨.
(١٠) في الأدب والمقاومة ، ذماء العينين ص ١٠٧.
(١١) نفس المصدر ١٠٧.